قال ابن ابي زمنين: " أي: أخبرهم بحسن ثواب الله في الآخرة للشهداء" (١).
قال مقاتل: " أمره أن يقاتل بنفسه، ﴿لا تكلف إلا نفسك﴾، يعني: ليس عليك ذنب غيرك" (٢).
قال سعيد بن جبير: " ﴿فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾، يعني: في طاعة الله" (٣).
قال الزمخشري: " لما ذكر في الآي قبلها تثبطهم عن القتال، وإظهارهم الطاعة وإضمارهم خلافها. قال: ﴿فقاتل في سبيل الله﴾، إن أفردوك وتركوك وحدك، ﴿لا تكلف إلا نفسك﴾، غير نفسك وحدها أن تقدمها إلى الجهاد، فإن الله هو ناصرك لا الجنود، فإن شاء نصرك وحدك كما ينصرك وحولك الألوف" (٤).
قال الجصاص: " أوجب عليه فرض الجهاد من وجهين: أحدهما: بنفسه، ومباشرة القتال وحضوره، والآخر: بالتحريض والحث والبيان" (٥).
قال الراغب: " ن قيل: كيف قال: ﴿لا تكلف إلا نفسك﴾ وقد بعث النبي - ﷺ - ليكلف الناس؟
قيل: لم يعن التكليف الاستدعاء الذي رشح له، ألا ترى أنه قال ﴿وحرض المؤمنين﴾ الآية تقتضي أن على الإنسان أن لا يني في نصرة الحق وإن تفرد، يعد أن لا يني في فعله.
وروي أن أبا بكر رضي الله عنه قال: «لو خالفتني يميني جاهدتها بشمالي» (٦)، وتلا هذه الآية.
وقال بعض الحكماء: من طلب رفيقا في سلوك طريق الحق فلقلة يقينه، وسوء معرفته.
فالمحقق للسعادة والعارف بالطريق إليها لا يفرح على رفيق ولا يبالي بطول طريق، فمن خطب الحسناء لم يغلها مهر" (٧).
وقرئ ﴿لا تكلف﴾، بالجزم على النهى. ولا نكلف: بالنون وكسر اللام، أى لا نكلف نحن إلا نفسك وحدها (٨).
قوله تعالى: ﴿وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النساء: ٨٤]، " أي شجَّع المؤمنين على القتال ورغبْهم فيه" (٩).
عن أبي سنان: "قوله: ﴿وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ﴾، قال: عظمهم" (١٠).
قال أبو عبيدة: " أي: حضض " (١١).
قال مقاتل: " يعنى: وحضض على القتال، يعني: على قتال العدو" (١٢).
قال الزمخشري: أي: " وما عليك في شأنهم إلا التحريض فحسب، لا التعنيف بهم" (١٣).
قال الواحدي: " حُضَّهم على القتال" (١٤).
قال ابن كثير: "أي: على القتال ورغبهم فيه وشجعهم عنده كما قال لهم رسول الله ﷺ يوم بدر، وهو يسوي الصفوف: «قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض» (١٥) " (١٦).
قال ابن عطية: " هذا أمر في ظاهر اللفظ للنبي عليه السلام وحده، لكن لم نجد قط في خبر أن القتال فرض على النبي ﷺ دون الأمة مدة ما، المعنى- والله أعلم- أنه خطاب للنبي عليه السلام في اللفظ، وهو مثال ما يقال لكل واحد في خاصة نفسه، أي أنت يا محمد وكل واحد من أمتك القول له: ﴿فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك﴾، ولهذا ينبغي لكل مؤمن أن يستشعر أن يجاهد ولو وحده" (١٧).

(١) تفسير ابن ابي زمنين: ١/ ٣٩١.
(٢) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٩٣.
(٣) أخرجه ابن ابي حاتم (٥٧٠٥): ص ٣/ ١٠١٨.
(٤) الكشاف: ١/ ٥٤٢.
(٥) أحكام القرىن: ٣/ ١٤٨.
(٦) انظر: معاني القرآن للزجاج: ٢/ ٨٥، وتفسير السمرقندي: ١/ ٣٢٢، وتفسير الراغب الأصفهاني: ٣/ ١٣٥٦.
(٧) تفسير الراغب الاصفهاني: ٣/ ١٣٥٦ - ١٣٥٧.
(٨) انظر: الكشاف: ١/ ٥٤٢.
(٩) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٩٣.
(١٠) أخرجه ابن ابي حاتم (٥٧٠٦): ص ٣/ ١٠١٨.
(١١) أخرجه ابن المنذر (٢٠٥٩): ص ٢/ ٨١١.
(١٢) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٩٣.
(١٣) الكشاف: ١/ ٥٤٢.
(١٤) الوجيز: ٢٧٨.
(١٥) أخرجه أحمد (١٢٤٢٥): ص ٣/ ١٣٦، وعبد بن حميد (١٢٧٢)، ومسلم (٤٩٥٠): ص ٦/ ٤٤، وأبو داود (٢٦١٨).
(١٦) تفسير ابن كثير: ٢/ ٣٦٧.
(١٧) المحرر الوجيز: ٢/ ٨٦.


الصفحة التالية
Icon