ومن ذلك قول النبي عليه السلام «فوالذي نفسي بيده، لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي أو لينفذن الله أمره» (١)، وقول أبي بكر وقت الردة: «ولو خالفتني يميني لجاهدتها بشمالي» (٢).
ومن أحاديث الترغيب في قتال المشركين ايضا:
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من آمن بالله ورسوله وأقام الصلاة، وآتى الزكاة، وصام رمضان، كان حقا على الله أن يدخله الجنة، هاجر في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها" قالوا: يا رسول الله، أفلا نبشر الناسَ بذلك؟ فقال: "إن في الجنة مائةَ درجة، أعدَّها الله للمجاهدين في سبيل الله، بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة. وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تُفَجَّر أنهار الجنة" (٣).
وعن أبي سعيد الخدْري أنّ رسول الله ﷺ قال: " «يا أبا سعيد، من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيًا، وجبت له الجنة»، قال: فعجب لها أبو سعيد فقال: أعدها عليَّ يا رسول الله. ففعل. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وأخرى يرفع الله بها العبد مائة درجة في الجنة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض»، قال: وما هي يا رسول الله؟ قال: «الجهاد في سبيل الله» " (٤).
قوله تعالى: ﴿عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [النساء: ٨٤]، أي: " لعل الله يمنع بك وبهم بأس الكافرين وشدتهم" (٥).
قال الطبري: أي: " لعل الله أن يكف قتال من كفر بالله وجحد وحدانيته وأنكر رسالتك، عنك وعنهم، ونكايتهم" (٦).
قال الزمخشري: " ﴿الذين كفروا﴾، وهم قريش، وقد كف بأسهم فقد بدا لأبى سفيان وقال: هذا عام مجدب، وما كان معهم زاد إلا السويق، ولا يلقون إلا في عام مخصب فرجع بهم" (٧).
قال مقاتل: " يعنى: قتال الذين كفروا" (٨).
قال الراغب: " أي: كن راجيا في دفع أذاهم، وقول المفسرين: عسى من الله واجب، أي الكريم إذا رجي حقق" (٩).
قال ابن عباس: " ﴿عسى﴾ من الله واجب" (١٠).
قال أبو عبيدة: " " ﴿عسى الله﴾ هي إيجاب، وهي في القرآن كلها واجبة، فجاءت على إحدى لغتي العرب، لأن عسى في كلامهم رجاء ويقين، قال ابن مقبل (١١):
| ظَنِّي بِهِمْ كَعَسَى وَهُمْ بِتَنوُفَةٍ | يَتَنَازَعُون جوائز الأمثال |
قال سفيان: "في قراءة ابن مسعود هكذا: «عسى الله أن يكف عن بأس الذين كفروا» " (١٣).
(٢) انظر: معاني القرآن للزجاج: ٢/ ٨٥، وتفسير السمرقندي: ١/ ٣٢٢، وتفسير الراغب الأصفهاني: ٣/ ١٣٥٦، والمحرر الوجيز: ٢/ ٨٦.
(٣)) صحيح البخاري (٢٧٩٠).
(٤) صحيح مسلم (١٨٨٤)..
(٥) التفسير الميسر: ٩١.
(٦) تفسير الطبري: ٨/ ٥٧٩.
(٧) الكشاف: ١/ ٥٤٢.
(٨) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٩٣.
(٩) تفسير الراغب الأصفهاني: ٣/ ١٣٥٨ - ١٣٥٩.
(١٠) أخرجه ابن ابي حاتم (٥٧٠٧): ص ٣/ ١٠١٨.
(١١) ورد البيت في "الأضداد" لابن الأنباري ص ٢٣، "الأضداد" للأصمعي ص ٣٥، والسجستاني ص ٩٥، وابن السكيت ص ١٨٨، "تهذيب اللغة" (ظن) ٣/ ٢٢٥٣، "اللسان" ٢/ ٧٢٤ (جوز)، و ٥/ ٢٧٦٢ (ظن)، و ٥/ ٢٩٥٠ (عسا)، "الجمهرة" ١/ ١٥٤، ٢/ ٩٣٥، "الخزانة" ٩/ ٣٣٣.
ويروى البيت (ظن) و (ظنوا) بدل (ظني) وفي "الجمهرة": (عهدي بهم) في موضع: (ظني بهم) وفي عدد من المصادر "جوائز الأمثال" وفي "الجمهرة" (جوائب) ويروى (سوائر). ولم أجد رواية (جوانب الأميال) والتنوفة: الفلاة، يتنازعون، يتجاذبون، جوائز الأمثال: (الأمثال السائرة) في البلاد، وبمعناه: (جوائب الأمثال) من جاب يجوب.
(١٢) مجاز القرآن: ١/ ١٣٤، وأخرجه ابن المنذر (٢٠٦٠): ص ٢/ ٨١١.
(١٣) أخرجه ابن ابي حاتم (٥٧٠٨): ص ٣/ ١٠١٨.