قال مقاتل: " يقول: فردوا عليه أحسن مما قال، قال: فيقول: وعليك ورحمة الله وبركاته، أو يرد عليه مثل ما سلم عليه" (١).
قال الطبري: " يقول: فادعوا لمن دعا لكم بذلك بأحسن مما دعا لكم، أو ردّوا التحية" (٢).
قال السمعاني: " أراد به: رد السلام بأحسن مما سلم، أو ترد كما سلم" (٣).
قال التستري: " يعني: زيادة على سلامه الصادر بالنصح لله تعالى. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «السلام اسم من أسماء الله تعالى أظهره في أرضه، فأفشوه بينكم» (٤) " (٥).
قال الفراء: " أي زيدوا عليها كقول القائل: السلام عليكم، فيقول: وعليكم ورحمة الله. فهذه الزيادة أو ردوها قيل هذا للمسلمين. وأما أهل الكتاب فلا يزادون علي: وعليكم" (٦).
قال الزجاج: " إذا قيل لكم: السلام عليكم، فقولوا: وعليكم السلام ورحمة الله، فالتحية التي هي أحسن منها هي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ويقال لكل شيء منتهى، ومنتهى السلام كلمة: وبركاته" (٧).
قال ابن ابي زمنين: " معنى: ﴿أحسن منها﴾ إذا قال الرجل: السلام عليكم، رد عليه: السلام عليكم ورحمة الله، وإذا قال: السلام عليكم ورحمة الله رد عليه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومعنى: ﴿أو ردوها﴾ أي: ردوا عليه مثل ما يسلم؛ وهذا إذا سلم عليك المسلم" (٨).
وفي ردّ التحية قولان:
أحدهما: أن فرض رّدِّهِ عَامٌّ في المسلم والكافر، وهذا قول ابن عباس (٩)، وقتادة (١٠)، والحسن (١١) وابن زيد (١٢)، وسفيان (١٣)، وسعيد بن جبير (١٤).
والثاني: أنه خاص في المسلمين دون الكافر، وهذا قول عطاء (١٥).
والراجح –والله اعلم- أن قوله: ﴿فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا﴾ المراد بها المسلمون، ﴿أَوْ رُدُّوهَا﴾ إذا كان المسلم من غير أهل الإسلام، وقد "خَصّت السنة أهل الكفر بالنهي عن رد الأحسن من تحيتهم عليهم أو مثلها، إلا بأن يقال: وعليكم، فلا ينبغي لأحد أن يتعدَّى ما حدَّ في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأما أهل الإسلام، فإن لمن سلَّم عليه منهم في الردّ من الخيار، ما جعل الله له من ذلك" (١٦).
قال ابن كثير: " المراد أن يرد بأحسن مما حياه به، فإن بلغ المسلم غاية ما شرع في السلام؛ رد عليه مثل ما قال، فأما أهل الذمة فلا يُبْدؤون بالسلام ولا يزادون، بل يرد عليهم بما ثبت في الصحيحين، عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال: «إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم: السام عليك فقل: وعليك» (١٧).
وفي صحيح مسلم، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه» (١٨) " (١٩).
(٢) تفسير الطبري: ٨/ ٥٨٦.
(٣) تفسير السمعاني: ١/ ٤٥٦.
(٤) في صحيح البخاري: كتاب صفة الصلاة، رقم ٧٩٧ والمعجم الكبير ١٠/ ٨٢ (١٠٣٩١) والمعجم الصغير ١/ ١٥٣ (٢٠٣) والمعجم الأوسط ٣/ ٢٣١ (٣٠٠٨): "إن الله هو السلام".
(٥) تفسير التستري: ٥٥.
(٦) معاني القرآن: ١/ ٢٨٠.
(٧) معاني القرآن: ٢/ ٨٦.
(٨) تفسير ابن ابي زمنين: ١/ ٣٩٢.
(٩) انظر: تفسير الطبر] (١٠٠٣٩): ص ٨/ ٥٨٧.
(١٠) انظر: تفسير الطبر] (١٠٠٤٠): ص ٨/ ٥٨٧.
(١١) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٥٧٣٠): ص ٣/ ١٠٢١.
(١٢) انظر: تفسير الطبر] (١٠٠٤٣): ص ٨/ ٥٨٨.
(١٣) انظر تفسير ابن أبي حاتم (٥٧٢٨): ص ٣/ ١٠٢١.
(١٤) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٥٧٣١): ص ٣/ ١٠٢١.
(١٥) انظر: تفسير الطبري (١٠٠٣٤)، و (١٠٠٣٥: ص ٨/ ٥٨٦ - ٥٨٧.
(١٦) تفسير الطبري: ٨/ ٥٨٨ - ٥٨٩.
(١٧) رواه البخاري في صحيحه برقم (٦٢٥٧) ومسلم في صحيحه برقم (٢١٦٤).
(١٨) صحيح مسلم برقم (٢١٦٧).
(١٩) تفسير ابن كثير: ٢/ ٣٧٠.