قال البغوي: أي: "ولم يقبضوا أيديهم عن قتالكم" (١).
قوله تعالى: ﴿فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ﴾ [النساء: ٩١]، " أي: فأسروهم واقتلوهم حيث وجدتموهم وأصبتموهم" (٢).
قال مقاتل: " يعنى: أأسروهم، ﴿واقتلوهم حيث ثقفتموهم﴾، يعني: أدركتموهم من الأرض في الحل والحرم" (٣).
قال ابن عطية: " ﴿ثقفتموهم﴾، مأخوذ من الثقاف، أي: ظفرتم بهم مغلوبين متمكنا منهم" (٤).
قوله تعالى: ﴿وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا﴾ [النساء: ٩١]، أي: " فهم الذين جعلنا لكم الحجة البينة على قتلهم وأسرهم" (٥).
قال ابن كثير: " أي: بيِّنا واضحا" (٦).
قال الزجاج: "أي: حجة بينة بأنهم غدرة، لا يفون بما يفارقونكم عليه من الهدنة
والصلح" (٧).
قال الزمخشري: أي: " حجة واضحة لظهور عداوتهم وانكشاف حالهم في الكفر والغدر، وإضرارهم بأهل الإسلام أو تسلطا ظاهرا حيث أذنا لكم في قتلهم" (٨).
قال الشوكاني: " أي: حجة واضحة، تتسلطون بها عليهم، وتقهرونهم بها، بسبب ما في قلوبهم من المرض، وما في صدورهم من الدغل، وارتكاسهم في الفتنة بأيسر عمل وأقل سعي" (٩).
قال السدي: " أما السلطان: فهو الحجة" (١٠).
قال عكرمة: "حيث ما وقع السلطان في كتاب الله تعالى فهو الحجة" (١١).
قال مقاتل: " يعنى: حجة بينة ثم صارت منسوخة" (١٢).
وقد ذكر ابن حزم (١٣)، وابن سلامة (١٤)، وابن هلال (١٥)، وابن الجوزي (١٦)، أن هذه الآية نسخت بقوله: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾، وذلك بدون أن ينسبوه إلى أحد.
يقول الأستاذ مصطفى زيد: " عن هذه الآية والتي قبلها: "أن كلتيهما في المنافقين وكان الإسلام يأبى أن يقتلهم حتى لا يقال أن محمداً يقتل أصحابه" (١٧).
الفوائد:
١ - إن واجب المسلم أن يكون مع المسلمين قولاً وفعلاً واعتقادًا، ومن لم يكن كذلك يكون داخلاً تحت مفهوم قول الله تعالى: ﴿سَتَجِدُونَ آَخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا﴾ (١٨).
٢ - الحذر من تولي الكفار، وأنه لايجوز قتال المسلمين تحت ذريعة الإكراه في ذلك، لأن الإكراه مهما يكن، لا يجوز معه أن يحمل المسلم سلاحه، ضد أهل الحق من المسلمين.

(١) تفسير البغوي: ٢/ ٢٦٢.
(٢) صفوة التفاسير: ٢٧٢.
(٣) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٩٦.
(٤) المحرر الوجيز: ٢/ ٩٢.
(٥) التفسير الميسر: ٩٢.
(٦) تفسير ابن كثير: ٢/ ٣٧٣.
(٧) معاني القرآن: ٩٠.
(٨) الكشاف: ١/ ٥٤٨.
(٩) فتح القدير: ١/ ٥٧٣.
(١٠) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٧٧٧): ص ٣/ ١٠٣٠.
(١١) المحرر الوجيز: ٢/ ٩٢.
(١٢) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٩٦.
(١٣) في ناسخه ص: ٣٣٣.
(١٤) في ناسخه ص: ٣٩.
(١٥) في ناسخه المخطوط ٢٣.
(١٦) في نواسخ القرآن: ٢/ ٣٨٣.
(١٧) النسخ في القرآن الكريم: ٢/ ٧٨٥.
(١٨) انظر الدرر السنية ج ١ ص ٦٦.


الصفحة التالية
Icon