خرجنا من الدّنيا ونحن من أهلها | فلسنا من الأحياء فيها ولا الموتى |
وقال الشافعي: " في قطاع الطريق إذا قتلوا وأخذوا المال: قتلوا وصلبوا. وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال: قتلوا ولم يصلبوا، وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا: قطعت أيديهم وأرجلهم من
خلاف، وإذا هربوا: طلبوا حتى يوجدوا، فتقام عليهم الحدود، وإذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا مالا: نفوا من الأرض" (٢).
القرآن
﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٤)﴾ [المائدة: ٣٤]
التفسير:
لكن مَن أتى من المحاربين من قبل أن تقدروا عليهم وجاء طائعًا نادمًا فإنه يسقط عنه ما كان لله، فاعلموا -أيها المؤمنون- أن الله غفور لعباده، رحيم بهم.
قوله تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ﴾ [المائدة: ٣٤]، أي: " لكن الذين تابوا من المحاربين وقُطّأع الطريق قبل القدرة على أخذهم وعقوبتهم " (٣).
قال ابن شهاب الزهري: " يقول: فلا سبيل لكم عليهم بعد التوبة. أراد بذلك الرجل المسلم الذي يكون منه الفساد ثم يتوب من قبل أن يظفر به ربّ الأمر. وأمّا الكفار الذين يفسدون في الأرض وهم في دار الحرب فهؤلاء لا تقبل توبتهم، فإنّهم لو كانت توبتهم صادقة للحقوا ببلاد المسلمين" (٤).
قال مقاتل: " يقول: من جاء منهم مسلما قبل أن يؤخذ فإن الإسلام يهدم ما أصاب في كفره من قتل أو أخذ مال" (٥).
قال الإمام الشافعي: " فمن تاب قبل أن يقدر عليه سقط حق الله عنه، وأخذ بحقوق بني آدم" (٦).
قال السمرقندي: " يعني: رجعوا عن صنيعهم قبل أن يؤخذوا ويردوا المال" (٧).
قال الجصاص: " فاستثنى التائب قبل القدرة عليه من جملة من أوجب عليه الحد المذكور في الآية" (٨).
قال الفراء: " المعنى: إلا الذين يتوبون من قبل أن تقدروا عليهم" (٩).
قال ابن عطية: " استثنى عز وجل التائب قبل أن يقدر عليه" (١٠).
قال أبو حيان: ظاهره أنه استثناء من المعاقبين عقاب قاطع الطريق، فإذا تابوا قبل القدرة على أخذهم سقط عنهم ما ترتب على الحرابة، وهذا فعل علي رضي الله عنه بحارثة بن بدر العراني (١١) " (١٢).
(١) تاويل مشكل القرآن: ٢٢٩. [بتصرف].
(٢) تفسير الإمام الشافعي: ٢/ ٧٣٣.
(٣) صفوة التفاسير: ٣١٤.
(٤) الناسخ والمنسوخ وتنزيل القرآن: ٣٦.
(٥) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٤٧٣.
(٦) تفسير الإمام الشافعي: ٢/ ٧٢٣.
(٧) بحر العلوم: ١/ ٣٨٧.
(٨) أحكام القرآن: ١/ ٦٦.
(٩) معاني القرآن: ١/ ٢٤٤.
(١٠) المحرر الوجيز: ٢/ ١٨٦.
(١١) البحر المحيط: ٤/ ٢٤٢.
(١٢) سوف يأتي بيان الخبر.
(٢) تفسير الإمام الشافعي: ٢/ ٧٣٣.
(٣) صفوة التفاسير: ٣١٤.
(٤) الناسخ والمنسوخ وتنزيل القرآن: ٣٦.
(٥) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٤٧٣.
(٦) تفسير الإمام الشافعي: ٢/ ٧٢٣.
(٧) بحر العلوم: ١/ ٣٨٧.
(٨) أحكام القرآن: ١/ ٦٦.
(٩) معاني القرآن: ١/ ٢٤٤.
(١٠) المحرر الوجيز: ٢/ ١٨٦.
(١١) البحر المحيط: ٤/ ٢٤٢.
(١٢) سوف يأتي بيان الخبر.