وقال قتادة: " أي: تقربوا إليه بطاعته والعملِ بما يرضيه" (١).
قال أبو عبيدة: يقال: توسلت إليه تقرّبت" (٢). وأنشد (٣):

إِذَا غَفَلَ الوَاشُونَ عُدْنَا لِوَصْلِنَا وَعَادَ التَّصَافِي بَيْنَنَا وَالوَسَائِلُ
وقال لبيد (٤):
أرَى الناس لا يدرون ما قدر أمرهم بَلَى كُلّ ذي لبّ إلى الله وَاسِلُ
والثاني: أنها المحبة، يقول: تحببوا إلى الله، هذا قول ابن زيد (٥).
والثالث: أنها الحاجة، وهذا قول ابن عباس أيضا، جاء في مسائل نافع (٦)، "قال نافع: يا ابن عباس أخبرني عن قول الله عزّ وجل: ﴿وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾، الحاجة. قال: أو تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت عنترة العبسي وهو يقول (٧):
إنَّ الرِّجَالَ لَهُمْ إِلَيْكِ وَسِيلَةٌ إِنْ يَأْخُذُوكِ، تكَحَّلِي وتَخَضَّبي" (٨)
قال الزمحشري: " الوسيلة: كل ما يتوسل به أى يتقرب من قرابة أو صنيعة أو غير ذلك، فاستعيرت لما يتوسل به إلى الله تعالى من فعل الطاعات وترك المعاصي" (٩).
قال ابن كثير: " والوسيلة: هي التي يتوصل بها إلى تحصيل المقصود، والوسيلة أيضًا: علم على أعلى منزلة في الجنة، وهي منزلة رسول الله ﷺ وداره في الجنة، وهي أقرب أمكنة الجنة إلى العرش" (١٠).
(١) أخرجه الطبري (١١٩٠٢): ص ١٠/ ٢٩١.
(٢) مجاز القرآن: ١/ ١٦٤.
(٣) لم أتعرف على قائله. والبيت بلا نسبة أيضا في مجاز القرآن: ١/ ١٦٤، وتفسير الطبري ١٠/ ٢٩٠ وتفسير القرطبي ٦/ ١٥٩.
(٤) شرح ديوان لبيد بن ربيعة" ص ٢٥٦، والواسل: الطالب، أي يتوسل إلى الله بالطاعة والعمل الصالح. وقد جاء بعد هذا البيت بيت لبيد المشهور:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل وكل نعيم لا محالة زائل.
(٥) انظر: تفسير الطبري (١١٩٠٥): ص ١٠/ ٢٩١.
(٦) انظر: مسائل نافع بن الأزرق: ٢٩.
(٧) البيت لعنترة بن الشداد في الديوان: ٣٣، وأشعار الستة الجاهليين: ٣٩٦، مجاز القرآن لأبي عبيدة ١/ ١٦٥، والخزانة ٣/ ١١، الإتقان: ١/ ١٢٠، والأغاني: ١٠/ ١٨٠، وبلوغ الأرب للآلوسي: ١/ ١٦٧، وغيرها، من أبيات له قالها لامرأته، وكانت لا تزال تذكر خيله، وتلومه في فرس كان يؤثره على سائر خيله ويسقيه ألبان إبله، فقال:
لا تَذْكُرِي مُهْرِي وَمَا أَطْعَمْتُهُ فَيَكُونَ جِلْدُكِ مِثْلَ جِلْدِ الأَجْرَبِ
إِنَّ الْغَبُوقَ لَهُ، وَأَنْتِ مَسُوءَةٌ، فَتَأَوَّهِي مَا شِئْتِ ثُمَّ تَحَوَّبِي
كَذَبَ الْعَتِيقُ وَمَاءُ شَنٍّ بَارِدٌ إنْ كُنْتِ سَائِلَتِي غَبُوقًا فَاذْهَبي
إِنَّ الرِّجَالَ لَهُمْ....... ...................
وَيَكُونَ مَرْكَبُكِ القَعُودُ وَحِدْجُهُ وَابْنُ النَّعَامَةِ يَوْمَ ذَلِكَ مَرْكَبِي!
ينذرها بالطلاق إن هي ألحت عليه بالملامة في فرسه، فإن فرسه هو حصنه وملاذه. أما هي فما تكاد تؤسر في حرب، حتى تتكحل وتتخضب لمن أسرها. يقول: إن أخذوك تكحلت وتخضبت لهم.
(٨) مسائل نافع بن الأزرق: ٢٩.
(٩) الكشاف: ١/ ٦٢٨.
(١٠) تفسير ابن كثير: ٣/ ١٠٣.


الصفحة التالية
Icon