نعلم هل دعا لنا ولم يرد الشرع بدعائهم لنا، والعباس حاضر وقع منه الدعاء، وأنه قال - كما في " الفتح " -: " اللَّهُمَّ! إِنِّهُ لَمْ يَنْزِلْ بَلاءٌ إِلا بِذَنْبٍ، وَلَمْ يُكْشَفْ إِلا بِتَوْبَةٍ، وَقَدْ تَوَجَّهَ الْقَوْمُ بِي إِلَيْكَ لِمَكَانِي مِنْ نَبِيِّكَ، وَهَذِهِ أَيْدِينَا إِلَيْكَ بِالذُّنُوبِ، وَنَوَاصِينَا إِلَيْكَ بِالتَّوْبَةِ، فَاسْقِنَا الْغَيْثَ" (١).
خامسا: - التوسل بالطاعة المطلقة:
النوع الخامس: التوسل بطاعة تعم المتوسل وغيره.
ومن أمثلته:
١ - ما في " كبير الطبراني " من طريق فضال بن جبير المجمع على ضعفه عن أبي أمامة رضي الله عنه مرفوعاً: " أَسْأَلُكَ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَبِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَكَ، وَبِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ؛ أَنْ تَقْبَلَنِي فِي هَذِهِ الْغَدَاةِ وَفِي هَذِهِ الْعَشِيَّةِ، وَأَنْ تُجِيرَنِي مِنَ النَّارِ بِقُدْرَتِكَ" (٢).
٢ - ومنها: ما رواه أحمد وابن ماجه عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه علم الخارج إلى الصلاة أن يقول في دعائه: «وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ، وَبِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا، فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشَرًا وَلَا بَطَرًا، وَلَا رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً، وَلَكِنْ خَرَجْت اتِّقَاءَ سَخَطِكَ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُنْقِذَنِي مِنَ النَّارِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي، فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ» (٣).
٣ - ومنها: ما رواه محمد بن عوف عن جابر في دعاء الأذان مرفوعاً: «اللَّهُمَّ! إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ» (٤).
(٢) ضعيف جداً: أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (٨/ ٣١٦ - ٣١٧/ رقم: ٨٠٢٧) من طريق هشام.
قال الهيثمي (١٥/ ١١٧): " وفيه فضال بن جبير، وهو ضعيف مجمع على ضعفه"
(٣) ضعيف: أخرجه أحمد (٣/ ٢١ - مصورة المكتب)، وابن ماجه (٧٧٨)، وابن السني (٨٥) من طريق فضيل بن مرزوق عن عطية العوفي به. وسنده ضعيف، وفيه علتان:
الأولى: فضيل بن مرزوق ضعفه جماعة كما في " المجروحين "، و " الميزان "، و " ديوان الضعفاء "، و " التقريب " وغيرها.
والأخرى: عطية العوفي، وقد سبق تضعيفه في الحديث المخرج برقم (٦٥).
وللحديث شاهد أخرجه ابن السني (٨٤) عن بلال رضي الله عنه، وفيه الوازع بن نافع العقيلي " متفق على ضعفه وأنه منكر الحديث "، كما قال النووي في " الأذكار " [ص: ٢٥]، فلا يصلح جابراً له ولا يصح الاستشهاد به، كما لا يخفى على طلاب هذا العلم وأهله.
انظر: " ترغيب المنذري " (٣/ ٢٧٢)، و " أذكار النووي "، و " مجموع فتاوى ابن تيمية " (١/ ٢٨٨ و ٢٤٠)، و " اقتضاء الصراط المستقيم " [ص: ٤١٨] أيضاً، و " ضعيفة الألباني " (٢٤)، و " التوسل " (ص ٩٤ - ١٠١) له أيضاً، والله الموفق.
(٤). شاذ بهذا اللفظ: أخرجه البيهقي في " سننه الكبرى " (١/ ٤١٠)، و " السنن الصغير " (١/ ١٢٤/ ٢٩٦) من طريق محمد بن عوف حدثنا عليّ بن عياش عن شُعيب بن أبي حمزة عن محمد بن المنكدرعن جابر مرفوعاً.
قلتُ: ومحمد بن عوف- وهو ابن سفيان أبو جعفر الطائي الحمصي- وإنْ " وثقه غير واحد وأثنوا على معرفته ونبله " كما في " تذكرة الذهبي " (٢/ ٥٨٣)، بل هو " ثقة حافظ " كما في " تقريب ابن حجر " (٣/ ١٩٧)، فلفظ حديثه شاذ مخالف للفظ المحفوظ «اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ» الذي تتابع عليه جماعة من الحفاظ الثقات الأثبات في روايته عن علي بن عياش، منهم:
١ - الإِمام أحمد: في " المسند " و " سنن أبي داود ".
٢ - البخاري: في " صحيحه "، وفي " شرح السنة " للبغوي.
٣ - عمرو بن منصور: في " سنن النسائي "، و " عمل اليوم والليلة " لابن السني.
٤ - محمد بن يحى: عند " ابن ماجه " وابن حبان في " صحيحه ".
٥ و ٦ - العباس بن الوليد الدمشقي، ومحمد بن أبي الحسين، عند ابن ماجه في " سننه " أيضاً.
٧ - موسى بن سهل الرملي: عند ابن خزيمة في " صحيحه ".
٨ و ٩ - محمد بن سهل بن عسكر البغدادي وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: عند الترمذي.
١٠ - محمد بن مسلم بن وارة: عند ابن أبي عاصم في " السنة " (٨٢٦).
وانظر: " إرواء الغليل " (١/ ٢٦١) للألباني. ٣٠٢.