قلت: وابن السائب هو الكلبي، وهو متهم بالوضع، فخبره باطل، لا أصل له.
قوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: ٣٨]، أي: " والسارق والسارقة فاقطعوا -يا ولاة الأمر- أيديهما بمقتضى الشرع" (١).
قال أبو السعود: " أي: حكمهما" (٢).
قال السدي: " فاقطعوا أيديهما اليمنى" (٣).
قال مقاتل: "يعني: أيمانهما من الكرسوع" (٤).
قال البيضاوي: " السرقة: أخذ مال الغير في خفية" (٥).
قال الزمخشري: " والسارق في الشريعة: من سرق من الحرز: والمقطع: الرسغ، وعند الخوارج: المنكب" (٦).
قال ابن عرفة: "السارق عند العرب هو من جاء مستترا إلى حرز فأخذ منه ما ليس له، فإن أخذ من ظاهر فهو مختلس ومستلب ومنتهب ومحترس (٧)، فإن تمنع بما في يده فهو غاصب" (٨).
قال السعدي: " السارق: هو من أخذ مال غيره المحترم خفية، بغير رضاه. وهو من كبائر الذنوب الموجبة لترتب العقوبة الشنيعة، وهو قطع اليد اليمنى، كما هو في قراءة بعض الصحابة" (٩).
قال ابن الجوزي: " السارق: إنما سمي سارقا، لأنه يأخذ الشيء في خفاء، واسترق السمع: إذا تسمع مستخفيا... وهذه الآية اقتضت وجوب القطع على كل سارق، وبينت السنة أن المراد به السارق لنصاب من حرز مثله" (١٠).
قال الإمام الموفق: "وجملته أن الوالد لا يقطع بالسرقة من مال ولده، وإن سفل وسواء في ذلك الأب والأم، والابن والبنت، والجد والجدة، من قبل الأب والأم وهذا قول عامة أهل العلم منهم: مالك والثوري والشافعي وأصحاب الرأي، وقال أبو ثور وابن المنذر: القطع على كل سارق بظاهر الكتاب... والعبد إذا سرق من مال سيده فلا قطع عليه في قولهم جميعا، ووافقهم أبو ثور، وحكي عن داود أنه يقطع لعموم الآية اه ملخصا" (١١).
واختلفوا في السارق الذي عناه الله عز ذكره في قوله: :﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: ٣٨]، على وجوه (١٢):
أحدها: أنه سارقَ ثلاثة دراهم فصاعدًا. وذلك قول جماعة من أهل المدينة، منهم مالك بن أنس ومن قال بقوله. واحتجّوا لقولهم ذلك، بأنّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-، قطَع في مِجَنّ قيمته ثلاثةُ دَرَاهم (١٣).

(١) التفسير الميسر: ١١٤.
(٢) تفسير أبي السعود: ٣/ ٣٤.
(٣) أخرجه الطبري (١١٩٠٩): ص ١٠/ ٢٩٥.
(٤) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٤٧٣ - ٤٧٤.
(٥) تفسير البيضاوي: ٢/ ١٢٦.
(٦) الكشاف: ١/ ٦٣٢.
(٧) المحترس الذي يسرق حريسة الجبل.
(٨) تفسير القرطبي: ٦/ ١٦٧.
(٩) تفسير السعدي: ٢٣٠.
(١٠) زاد المسير: ١/ ٥٤٤.
(١١) المغني: ١٢/ ٤٥٩، في شرح المسألة ١٥٨٩، وانظر: أحكام الجصاص: ٤/ ٨٠ - ٨١.
(١٢) انظر: تفسير الطبري: ١٠/ ٢٩٥ - ٢٩٦.
(١٣) تفسير الطبري (١١٩١١): ص ١٠/ ٢٩٥. رواه بغير إسناد. ورواه مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر في الموطأ: ٨٣١، ورواه البخاري من طريق مالك (الفتح ٢: ٩٣ - ٩٤)، ورواه مسلم من طريقه أيضًا، في صحيحه ١١: ١٨٤، ١٨٥.
والمجن: الترس، لأنه يجن صاحبه، أي يواريه.


الصفحة التالية
Icon