قوله تعالى: ﴿نَكَالًا مِنَ اللَّهِ﴾ [المائدة: ٣٨]، أي: " وعقوبةً يمنع الله بها غيرهما أن يصنع مثل صنيعهما" (١).
قال مقاتل: " يعنى: عقوبة من الله: قطع اليد" (٢).
قال الطبري: "يقول: عقوبة من الله على لُصُوصيتهما" (٣).
قال السعدي: " أي: تنكيلا وترهيبا للسارق ولغيره، ليرتدع السراق -إذا علموا- أنهم سيقطعون إذا سرقوا" (٤).
قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [المائدة: ٣٨]، أي: " والله عزيز في ملكه، حكيم في أمره ونهيه" (٥).
قال السعدي "أي: عز وحكم فقطع السارق" (٦).
قال أبو السعود: " ﴿والله عزيز﴾ غالب على أمره يمضيه كيف يشاء من غير ند ينازعه ولا ضد يمانعه ﴿حكيم﴾ في شرائعه لا يحكم إلا ما تقتضيه الحكمة والمصلحة ولذلك شرع هذه الشرائع المنطوية على فنون الحكم والمصالح" (٧).
قال الطبري: أي: " والله عزيزٌ في انتقامه من هذا السارق والسارقةِ وغيرهما من أهل معاصيه حكيم، في حكمه فيهم وقضائه عليهم، يقول: فلا تفرِّطوا أيها المؤمنون، في إقامة حكمي على السرَّاق وغيرهم من أهل الجرائم الذين أوجبت عليهم حدودًا في الدنيا عقوبةً لهم، فإني بحكمتي قضيت ذلك عليهم، وعلمي بصلاح ذلك لهم ولكم" (٨).
قال قتادة: "لا تَرْثُوا لهم أن تقِيموا فيهم الحدود، فإنه والله ما أمر الله بأمرٍ قَطُّ إلا وهو صلاحٌ، ولا نهى عن أمرٍ قَطُّ إلا وهو فساد" (٩).
وكان عمر بن الخطاب يقول: "اشتدُّوا على السُّرَّاق، فاقطعوهم يدًا يدًا، ورجلا رجلا" (١٠).
قال السيد احمد محمد شاكر: " ولكننا قد أظلنا زمان عطلت فيه الحدود، بزعم الرثاء لمن أصاب حدًا من حدود الله. وطالت ألسنة قوم من أهل الدخل، فاجترأوا على الله بافترائهم، وزعموا أن الذي يدعونه من الرحمة لأهل الحدود هو الصلاح، وأن ما أمر الله به هو الفساد! ! فاللهم نجنا من زمان تبجح فيه الأشرار بسلطانهم، وتضاءل فيه أهل الإيمان بمعاصيهم" (١١).
الفوائد:
١ - بيان حكم حد السرقة، وهو قطع يد السارق والسارقة.
٢ - ومنها: إثبات العزة، والحكمة لله؛ لقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾.
٣ - ومنها: إثبات اسمين من أسماء الله. وهما «العزيز» «الحكيم»، وما تضمناه من مناسبة العزة، والحكمة في سياق الآية.
فـ «العزيز»: هو المنيع الذي لا يغلب. والعز في كلام العرب على ثلاثة أوجه. أحدها: بمعنى الغلبة، ومنه قولهم: من عز بز، أي: من غلب سلب، يقال منه: عز يعز -بضم العين- من يعز. ومنه قول الله سبحانه: ﴿وعزني في الخطاب﴾ [ص: ٢٣].
(٢) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٤٧٤.
(٣) تفسير الطبري: ١٠/ ٢٩٦.
(٤) تفسير السعدي: ٢٣٠.
(٥) التفسير الميسر: ١١٤.
(٦) تفسير السعدي: ٢٣٠.
(٧) تفسير أبي السعود: ٣/ ٣٥.
(٨) تفسير الطبري: ١٠/ ٢٩٨.
(٩) أخرجه الطبري (١١٩١٥): ص ١٠/ ٢٩٧.
(١٠) تفسير الطبري: ١٠/ ٢٩٨. ذكره دون إسناد.
(١١) تفسير الطبري: ١٠/ ٢٩٧ [الهامش].