والثاني: بمعنى الشدة والقوة. يقال منه: عز يعز -بفتح العين- من "يعز"، كقول الهذلي -يصف العقاب- (١):
حتى انتهيت إلى فراش عزيزة | سوداء روثة أنفها كالمخصف |
والوجة الثالث: أن يكون بمعنى نفاسة القدر. يقال منه: عز الشيء يعز -بكسر العين- من يعز، فيتأول معنى العزيز على هذا، أنه الذي لا يعادله شيء، وأنه لا مثل له، ولا نظير" (٢).
و«الحكيم»: "هو المحكم لخلق الأشياء. صرف عن مفعل إلى فعيل، كقولهم: أليم بمعنى: مؤلم، وسميع بمعنى: مسمع؛ كقوله -جل وعز-: ﴿آلر، تلك آيات الكتاب الحكيم﴾ [يونس: ١] وقال في موضع آخر: ﴿كتاب أحكمت آياته﴾ [هود: ١]، فدل على أن المراد بـ «الحكيم هنا الذي أحكمت آياته، صرف عن مفعل إلى فعيل.
ومعنى الإحكام لخلق الأشياء، إنما ينصرف إلى إتقان التدبير فيها، وحسن التقدير لها. إذ ليس كل الخليقة موصوفا بوثاقة البنية، وشدة الأسر كالبقة، والنملة، وما أشبههما من ضعاف الخلق، إلا أن التدبير فيهما، والدلالة بهما على كون الصانع وإثباته، ليس بدون الدلالة عليه بخلق السموات والأرض والجبال وسائر معاظم الخليقة، وكذلك. هذا في قوله -جل وعز-: ﴿الذي أحسن كل شيء خلقه﴾ [السجدة: ٧] لم تقع الإشارة به إلى الحسن الرائق في المنظر، فإن هذا المعنى معدوم في القرد، والخنزير، والدب، وأشكالها من الحيوان، وإنما ينصرف المعنى فيه إلى حسن التدبير في إنشاء كل شىء من خلقه على ما أحب أن ينشئه عليه وإبرازه على الهيئة التي أراد أن يهيئه عليها. كقوله [تعالى]: ﴿وخلق كل شيء فقدره تقديرا﴾ [الفرقان: ٢] " (٣).
القرآن
﴿فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٩)﴾ [المائدة: ٣٩]
التفسير:
فمن تاب مِن بعد سرقته، وأصلح في كل أعماله، فإن الله يقبل توبته. إن الله غفور لعباده، رحيم بهم.
سبب النزول:
عن عبد الله بن عمرو قال: "سرقت امرأة حُليًّا، فجاء الذين سرقتهم فقالوا: يا رسول الله، سرقتنا هذه المرأة! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقطعوا يدها اليمنى. فقالت المرأة: هل من توبة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنتِ اليومَ من خطيئتك كيوم ولدتك أمك! قال: فأنزل الله جل وعز: ﴿فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ﴾ " (٤). [ضعيف]
(١) ديوان الهذليين القسم الثاني ص ١١٠، وشرح أشعارهم للسكري ص ١٠٨٩ آخر قصيدة لأبي كبير الهذلي، أبياتها ٢٣ بيتا، مطلعها:
وفي مقاييس اللغة ٢/ ١٨٢ وتهذيب الأزهري ٧/ ١٤٧ برواية: فتخاء، بدل، سوداء، وفي اللسان والقاموس وشرحه (عزز). وفي الديوان، يريد: أن منسرها حديد دقيق كأنه مخصف. والروثة: طرف الأنف، وفراشها: عشها.
والبيت استشهد به الزجاج في تفسير الأسماء ص ٣٤ على معنى "العزيز"..
(٢) شأن الدعاء: ١/ ٤٧ - ٤٨.
(٣) شأن الدعاء: ١/ ٧٢ - ٧٣.
(٤) أخرجه أحمد (٢/ ١٧٧، ١٧٨)، والطبري في "جامع البيان" (١١٩١٧): ص ١٠/ ٢٩٩، كلاهما من طريق موسى بن داود ثنا ابن لهيعة عن حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو به.
قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن لهيعة فيه كلام مشهور، والراوي عنه هنا لم يرو عنه قبل اختلاطه واحتراق كتبه.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٦/ ٢٧٦): "رواه أحمد؛ وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات".
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (٣/ ٧٣) وزاد نسبته لابن أبي حاتم..
أزهير هل عن شيبة من مصرف | أم لا خلود لباذل متكلف |
والبيت استشهد به الزجاج في تفسير الأسماء ص ٣٤ على معنى "العزيز"..
(٢) شأن الدعاء: ١/ ٤٧ - ٤٨.
(٣) شأن الدعاء: ١/ ٧٢ - ٧٣.
(٤) أخرجه أحمد (٢/ ١٧٧، ١٧٨)، والطبري في "جامع البيان" (١١٩١٧): ص ١٠/ ٢٩٩، كلاهما من طريق موسى بن داود ثنا ابن لهيعة عن حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو به.
قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن لهيعة فيه كلام مشهور، والراوي عنه هنا لم يرو عنه قبل اختلاطه واحتراق كتبه.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٦/ ٢٧٦): "رواه أحمد؛ وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات".
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (٣/ ٧٣) وزاد نسبته لابن أبي حاتم..