والرابع: أنه الرشوة في الدين. قاله عبدالله (١).
والخامس: أنه مهر البغي، وعسب الفحل، وكسب الحجّام، وثمن الكلب. وهو مروي عن أبي هريرة (٢).
والسادس: أن للسحت خصال ست: الرشوة في الحكم، وثمن الكلب، وثمن الميتة وثمن الخمر، وكسب البغي، وعسب الفحل. وهذا قول عطاء بن أبي رباح (٣).
والسابع: أنه: مهرُ البغي، والرشوة في الحكم، وما كان يُعطى الكُهان في الجاهلية. وهذا قول عبد الله بن هبيرة السَّبائي (٤).
والثامن: أنه في كسب الحجام ومهر البغيّ، وثمن الكلب، والاستجْعَال في القضية، وحلوان الكاهن، وعسب الفحل، والرشوة في الحكم، وثمن الخمر، وثمن الميتة. وهذا مروي عن علي-رضي الله عنه- (٥).
والتاسع: وقال عبد الله بن شقيق: " هذه الرغف الذي يأخذها المعلمون من السحت. يعني: إذا احتسب بتعليمه فجائز أن يأخذ كرى مثله سمعت أبي يقول: إذا لم يحتسب بالتعليم فله أيأخذ الكرى وإذا احتسب بالتعليم فذاك السحت" (٦).
قال ابن عطية:

" وكل ما ذكر في معنى السحت فهو أمثلة، ومن أعظمها الرشوة في الحكم والأجرة على قتل النفس، وهو لفظ يعم كل كسب لا يحل والسحت الذي عني أن اليهود يأكلونه هو الرشا في الأحكام والأوقاف التي تؤكل ويرفد أكلها بقول الأباطيل وخدع العامة ونحو هذا" (٧).
قال الزمخشري: " السحت: كل ما لا يحل كسبه، وكانوا يأخذون الرشا على الأحكام وتحليل الحرام" (٨).
وروي عن النبي-صلى الله عليه وسلم-: " كُلُّ لحم أنبَته السُّحت فالنار أولى به. قيل: يا رسول الله، وما السحت؟ قال: الرشوة في الحكم " (٩).
وأصل السحت الاستئصال، ومنه قوله تعالى: ﴿فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ﴾ [طه: ٦١]، أي: يستأصلكم، وقال الفرزدق (١٠):
(١) انظر: تفسير الطبري (١١٩٥٢): ص ١٠/ ٣٢٠.
(٢) انظر: تفسير الطبري (١١٩٥٦): ص ١٠/ ٣٢٠.
(٣) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٦٣٨٥): ص ٤/ ١١٣٥.
(٤) انظر: تفسير الطبري (١١٩٦٤): ص ١٠/ ٣٢٢.
(٥) انظر: تفسير الطبري (١١٩٦٥): ص ١٠/ ٣٢٢ - ٣٢٣.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم (٦٣٨٦): ص ٤/ ١١٣٥.
(٧) المحرر الوجيز: ٢/ ١٩٣ - ١٩٤
(٨) الكشاف: ١/ ٦٣٤.
(٩) أخرجه الطبري (١١٩٦٧): ص ١٠/ ٣٢٣، وأخرجه السيوطي في الدر المنثور ٢: ٢٨٤، ونسبه لعبد بن حميد، وابن مردويه مرفوعًا من حديث ابن عمر، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
قال الحافظ: رواه ابن جرير مرفوعا ورجاله ثقات ولكنّه مرسل". انظر: ٥/ ٣٦٠ (كتاب الإجارة - باب ما يعطى في الرقية على أحياء العرب بفاتحة الكتاب.
(١٠) ديوانه: ٥٥٦، والنقائض: ٥٥٦، وطبقات فحول الشعراء: ١٩، والخزانة ٢: ٣٤٧، واللسان (سحت) (جلف)، وفي غيرها كثير. والبيت من قصيدته المشهورة، وقبل البيت:
إِلَيْكَ أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ رَمَتْ بِنَا هُمُومُ الْمُنَى والْهَوْجَلُ الْمُتَعَسَّفُ
الهوجل: البطن الواسع من الأرض. والمتعسف: المسلوك بلا علم ولا دليل، فهو يسير فيها بالتعسف. ويروى: أو مجرف، وهو الذي جرفه الدهر، أي: اجتاح ماله وأفقره. ويروى في إلا مسحت أو مجلف بالرفع فيهما. وقد تجرف النحاة هذا البيت إعرابًا وتأويلا..


الصفحة التالية
Icon