قال الماوردي: " يعني: على حكم النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه في التوراة" (١).
قال القاسمي: " أي: رقباء يحمونه من أن يحوم حوله التغيير والتبديل بوجه من الوجوه. أو بأنه حق وصدق من عند الله" (٢).
قال المراغي: " أي: وكان السلف الصالح منهم رقباء على الكتاب وعلى من تحدثه نفسه العبث به كما فعل عبد الله بن سلام فى مسألة الرجم، لا كما فعل الخلف من كتمان بعض أحكامه اتباعا للهوى، أو خوفا من أشرافهم إن أقاموا عليهم حدوده، وطمعا فى صلاتهم إذا هم حابوهم، ومما كتموه صفة النبي ﷺ والبشارة به" (٣).
قوله تعالى: ﴿فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ﴾ [المائدة: ٤٤]، أي: " فلا تخشوا الناس في تنفيذ حكمي; فإنهم لا يقدرون على نفعكم ولا ضَرِّكم، ولكن اخشوني فإني أنا النافع الضار" (٤).
قال مقاتل بن حيان: " ﴿فلا تخشوا الناس﴾، في أمر محمد ﷺ والرجم، يقول: أظهروا أمر محمد ﷺ والرجم" (٥)، " واخشون في كتمان محمد ﷺ والرجم" (٦).
قال ابن كثير: " أي: لا تخافوا منهم وخافوني" (٧).
قال مقاتل: " يقول: لا تخشوا يهود خيبر أن تخبروهم بالرجم ونعت محمد- صلى الله عليه وسلم- واخشون إن كتمتموه " (٨).
قال الزمخشري: "نهى للحكام عن خشيتهم غير الله في حكوماتهم وإدهانهم (٩) فيها وإمضائها على خلاف ما أمروا به من العدل لخشية سلطان ظالم أو خيفة أذية أحد من القرباء والأصدقاء" (١٠).
قال المراغي: ثم خاطب الله تعالى رؤساء اليهود الذين كانوا زمن التنزيل لا يخافون الله فى الكتمان والتبديل بعد أن قص سيرة السلف الصالح من بنى إسرائيل لعلهم يعتبرون ويرعوون عن غيهم فقال: ﴿فلا تخشوا الناس واخشون﴾، أي: وإذا كان الحال كما ذكر أيها الأحبار ولا شك أنكم لا تنكرونه كما تنكرون غيره مما قصه الله على رسوله من سير أسلافهم- فلا تخشوا الناس فتكتموا ما عندكم من الكتاب خشية أحد، أو طمعا فى منفعة عاجلة منه، واخشوني واقتدوا بمن كان قبلكم من الربانيين والأحبار واحفظوا التوراة ولا تعدلوا عن ذلك، فإن النفع والضر بيدي" (١١).
وفي قوله تعالى: ﴿فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ﴾ [المائدة: ٤٤]، تأويلان:
أحدهما: فلا تخشوهم فى كتمان ما أنزلت، وهذا قول السدي (١٢).
والثاني: في الحكم بما أنزلت (١٣).
قوله تعالى: ﴿وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ [المائدة: ٤٤]، أي: " ولا تأخذوا بترك الحكم بما أنزلتُ عوضًا حقيرًا" (١٤).

(١) النكت والعيون: ٢/ ٤٢.
(٢) محاسن التأويل: ٤/ ١٤٤.
(٣) تفسير المراغي: ٦/ ١٢٣.
(٤) التفسير الميسر: ١١٥.
(٥) أخرجه ابن ابي حاتم (٦٤١٩): ص ٤/ ١١٤١.
(٦) أخرجه ابن ابي حاتم (٦٤٢٠): ص ٤/ ١١٤١.
(٧) التفسير الميسر: ٣/ ١١٧.
(٨) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٤٧٩.
(٩) قوله «وادهانهم فيها» في الصحاح: المداهنة- كالمصانعة. والادهان مثله.
(١٠) الكشاف: ١/ ٦٣٧.
(١١) تفسير المراغي: ٦/ ١٢٣.
(١٢) انظر: تفسير الطبري (١٢٠١٩): ص ١٠/ ٣٤٤.
(١٣) انظر: النكت والعيون: ٢/ ٤٢.
(١٤) التفسير الميسر: ١١٥.


الصفحة التالية
Icon