وقد كان الصحابة (رضوان الله عليهم) يَعُّدون القرآن الكريم رسائل من الله تعالى يقرأونها في صلاتهم بالليل ويطبقونها بالنهار.
وكانوا لا يتعدّون (عشر آيات) حتى يتعلَّموها، ويفهموا ما فيها، ثم يعملوا بها، فأوتوا العلم والعمل معاً... فصاروا بذلك أفضل الأمم.
ومِنْ تمام نعمة الله على هذه الأمة، أنه لم يعهد حِفْظَ كتابها إلى أحدٍ منها، كحالِ مَنْ سَبقَنا مِن الأمم (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ... ) (المائدة: ٤٤)
فحرفوا كتابهم، وخانوا عهد ربهم، وضيعوا أماناتهم (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ... ) (المائدة: ١٣)
مِنْ أجل ذلك تولَّى ربُّنا جلَّ جلالُه حِفْظ القرآن بنفسه (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)) (الحجر: ٩)
فهو الكتاب الأوحد من بين الكتب المنزلة من السماء، الذي لم يُحرَّف ولم يُبدَّل، وهو الوحي الحق الوحيد الموجود الآن على الأرض (لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢)) (سورة فصلت) وما سواه كذبٌ وتلفيقٌ وباطلٌ.