..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وبنزول هذه الجملة في شأن قريش، ونهيهم عن مخالفة الناس في الإفاضة، وكون ﴿فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ﴾ في قوة (أفيضوا من عرفات)، وكون ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ﴾ إلخ في قوة (ثم لا تفيضوا من المزدلفة، ولا تخالطوا الناس في إفاضتهم)، ظَهَر وجه الجمع بين قوله: (من عرفة)، وقوله: (لا من المزدلفة).
والأظهر: حَمْل (ثم) على الترتيب في الذكر، لا للتراخي بين المعطوفين في الزمان، ولا لتباعد الرتبة، فإن المأمور بذكر الله، إذا فعل الإفاضة، أُمِر بأن تكون من حيث أفاض الناس، مرتبا الأمر الثاني على الأمر الأول بـ (ثم)." (١) أهـ
وفي السيوطي:
" (وثم لتفاوت إلخ) (٢) قال الطيبي (٣): " فيه نظر؛ لأن إحدى الإفاضتين وهي الإفاضة من مزدلفة غير مذكورة في التنزيل، فلا يصح العطف عليها.
ثم قال: فالجواب أنه لما كان ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النّاسُ﴾ مرادا به التعريض، فكأنه قيل: أفيضوا من عرفات، ثم لا تفيضوا من مزدلفة، فإنه خطأ." (٤) " (٥)
_________
(١) حاشية زادة على البيضاوي (٢/ ٤٩٣) بتصرف.
(٢) ما بين القوسين في حاشية الإمام السيوطي هو من كلام الإمام البيضاوي.
(٣) الطيبي: هو الحسين بن محمد بن عبد الله، شرف الدين الطيبي، المتوفي: ٧٤٣ هـ، من علماء الحديث والتفسير والبيان، كان شديد الرد على المبتدعة، آية في استخراج الدقائق من الكتاب والسنة، له مؤلفات كثيرة منها: حاشية على تفسير الكشاف سماها: (فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب)، و (شرح مشكاة المصابيح) في الحديث، و (التبيان في المعاني والبيان). ينظر: طبقات المفسرين للداودي (١/ ١٤٦)، طبقات المفسرين للأدنروي (٢٧٧).
(٤) حاشية الطيبي على الكشاف باختصار: (٢/ ٣٢٠ - ٣٢١) [للحسين بن محمد الطيبي ت: ٧٤٣ هـ، رسالة ماجستير، كلية القرآن الكريم، الجامعة الإسلامية المدينة المنورة، للباحث: على بن عبد الحميد بن مسلم، تحت إشراف د. حكمت بشير ياسين].
(٥) حاشية السيوطي على تفسير البيضاوي (٢/ ٣٩٦).