..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وكتب (ع) على قول (ق) (١) مثل ما قال المفسر (٢):
" فعلى هذا كلمة (ثم) ظاهرة ولم يتعرض (٣)؛ لأن المراد بالناس: قريش كما في (ك)، إشارة إلى أنه محمول على ظاهره، أعني: الجنس، إذ العهد (٤) تكلف، والمعنى: من حيث أفاض الناس كلهم قديما وحديثا من لدن آدم.
مُرِّض هذا؛ لأنه لا يبقى لقوله: ﴿مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النّاسُ﴾ فائدة إلا الإيضاح." (٥)
_________
(١) يقصد به: القاضي البيضاوي في تفسيره المسمى: (أنوار التنزيل وأسرار التأويل)، والقاضي البيضاوي هو: عبد الله بن عمر بن محمد بن علي الشيرازي، أبو سعيد، أو أبو الخير، ناصر الدين البيضاوي، المتوفي: ٦٨٥ هـ، قاضِ مفسر علامة، ولد في فارس في المدينة البيضاء، وولى قضاء شيراز مدة، من تصانيفه: (أنوار التنزيل وأسرار التأويل) يعرف بتفسير البيضاوي، (طوالع النور) في التوحيد، (منهاج الوصول في علم الأصول)، (لب الألباب في علم الإعراب)، (شرح الكافية لابن الحاجب). ينظر: طبقات المفسرين للداودي (١/ ٢٤٨)، شذرات الذهب (٧/ ٦٨٥)، طبقات المفسرين للأدنروي (١/ ٢٥٤).
(٢) يقصد به: أبو السعود في تفسيره.
(٣) أي: الكلام صريح ليس فيه تعريض.
(٤) (أل) أداة تعريف التي تدخل على النكرة فتجعلها معرفة، قسمان:
الأول: الجنسية، وهي على ثلاثة أنواع:
إن جاز أن يخلفها (كل) دون تجوز فهي لشمول الأفراد، نحو: ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ [العصر: ٢].
وإن خلفها بتجوز فهي لشمول الخصائص مبالغة، نحو: " أنت الرجل علما ".
وإن لم يخلفها فهي لبيان الحقيقة نحو: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ [الأنبياء: ٣٠].
الثاني: العهدية، وهي على ثلاثة أنواع:
العهد الذكرى، نحو: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ﴾ [المزَّمل: ١٥ - ١٦].
العهد العلمى، نحو: ﴿إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ﴾ [التوبة: ٤٠].
العهد الحضوري، نحو: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ [المائدة: ٣].
ينظر: أوضح المسالك (١/ ١٨١)، توضيح المقاصد (١/ ٤٦٣) [لبدر الدين حسن بن قاسم المرادي ت: ٧٤٩ هـ، تحقيق: عبد الرحمن علي سليمان، الفكر العربي، ط: الأولى ١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٨ م].
(٥) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (٣٣٣ / أ).
خلاصة المسألة: قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا﴾: فِيهِ قَوْلَانِ:
الْأَوَّلُ: الْمُرَادُ بِهِ الْإِفَاضَةُ مِنْ عَرَفَاتٍ. ثُمَّ الْقَائِلُونَ بِهَذَا الْقَوْلِ اخْتَلَفُوا في المخاطبين بهذه الآية:
فَالْأَكْثَرُونَ مِنْهُمْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ أَمْرٌ لِقُرَيْشٍ وَحُلَفَائِهَا وَهُمُ الْحُمْسُ، أَمرهُمْ الله بِأَنْ يَقِفُوا فِي عَرَفَاتٍ، وَأَنْ يُفِيضُوا مِنْهَا كَمَا تَفْعَلُهُ سَائِرُ النَّاسِ.
واعترض: بأن كلمة «ثمّ» تستلزم تراخي الشيء عن نفسه (لأن الإفاضة الثانية هي عين الإفاضة الأولى أي: كلاهما من عرفات) سواء عطف على مجموع الشرط والجزاء، أو الجزاء فقط [كما قال صاحب الكشف، لكن رد عليه الإمام عبد الحكيم].. ؟ وأجيب: =


الصفحة التالية
Icon