..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لاعتقادهم أن ﴿ذِكْرًا﴾ بعده تمييز (١) بعد أفعل التفضيل (٢)، فلا يمكن إقراره تمييزا إلا بهذه التقادير التي قدروها.
ووجه إشكال كونه تمييزا: أن (أَفْعَل) التفضيل إذا انتصب ما بعده فإنه [يكون] (٣) غير الذي قبله، نحو: زيد أحسن وجها؛ لأن الوجه ليس زيدا.
فإذا كان من جنس ما قبله انخفض، نحو: زيد أفضل رجل، فعلى هذا يقال: اِضرب زيدا كضرب عمرو خالدا أو أشد ضَرْب، بالجر لا بالنصب.
وكذا كان قياس الآية في بادئ الرأي (أو أشد ذكر)، فجوزوا في ﴿أَشَدَّ﴾ النصب على وجوه،
أحدها: أن يكون معطوفا على موضع الكاف في ﴿كَذِكْرِكُمْ﴾؛ لأنها نعت (٤) لمصدر محذوف،

(١) التمييز: هو اسْم فضلَة نكرَة جامد مُفَسّر لما انبهم من الذوات، نحو: طاب زيد نفسا، وعندي شبر أرضا.
والتمييز نوعان:
١ - المبين إجمال الذات: هو الواقع بعد المقادير وهي: الممسوحات والمكيلات والموزونات نحو: له شبر أرضا، والأعداد نحو: عندي عشرون درهما.
٢ - والمبين إجمال النسبة: هو المسوق لبيان ما تعلق به العامل من فاعل أو مفعول نحو: طاب زيد نفسا، وغرست الأرض شجرا. فـ"نفسا" تمييز منقول من الفاعل، والأصل: طابت نفس زيد، و"شجرا" منقول من المفعول، والأصل: غرست شجر الأرض.
ومن هذا النوع أيضا التمييز الواقع بعد أفعل التَّفْضِيل الْمخبر بِهِ عَمَّا هُوَ مُغَاير للتمييز، وَذَلِكَ كَقَوْلِك: زيد أَكثر مِنْك علما، أَصله: علم زيد أَكثر.
فَإِن كَانَ الْوَاقِع بعد أفعل التَّفْضِيل هُوَ عين الْمخبر عَنهُ: وَجب خفضه بِالْإِضَافَة كَقَوْلِك: مَال زيد أَكثر مَال، إِلَّا إن كَانَ أفعل التَّفْضِيل مُضَافا إِلَى غَيره فينصب نَحْو: زيد أَكثر النَّاس مَالا.
ينظر: أوضح المسالك (٢/ ٢٩٥)، شرح قطر الندى (١/ ٢٣٧)، شرح ابن عقيل (٢/ ٢٨٧).
(٢) أفعل التفضيل: أو اسمُ التفضيل هو صفةٌ تُؤخذ من الفعل لتدُلّ على أن شيئين اشتركا في صفة، وزاد أحدُهما على الآخر فيها، مثلُ "خالدٌ أعلمُ من زيد". ولهذا الاسمِ وزن واحد هو "أفعل" ومؤنثُهُ "فُعْلى" كأفضل وفَضْلى.
وشروط صوغه سبعة: فلا يُصاغُ اسمُ التفضيل إلاّ من فعلٍ ثلاثيِّ الأحرفِ، مُثبَتٍ، مُتصرّفٍ، مبني للمعلومٍ (أي للفاعل)، تامٍّ، قابلٍ للتفضيل، غيرِ دالٍ على لونٍ أو عيبٍ أو حِلْيةٍ.
فإن أُريدَ صوغُ اسمِ التفضيل ممّا لم يَستوفِ الشروطَ، يُؤتى بمصدره منصوباً بعدَ "أَشدَّ" أو "أَكثرَ" أو نحوهما، تقولُ "هو أشدُّ إيماناً، وأكثرُ سواداً، وأبلغُ عَوراً " وإلا فشاذ.
ينظر: شرح ابن عقيل (٣/ ١٧٤)، شرح التصريح (٢/ ٩٢)، جامع الدروس العربية (١/ ١٩٣).
(٣) سقط من ب.
(٤) النعت: ويسمى أيضا صفة وهو: وصف المنعوت بمعنىً فيه، أو في شيء من سببه، بالمشتقّات، أو ما ينزّل منزلة المشتقّات. نحو: مررت برجلٍ كريم، ومررت برجل كريم أبوه، مررت بزيد الكريم أو هذا.
والنّعتُ تابعٌ للمنعوت في عشرة أشياء: في رفعه، ونصبه، وجرّه، وتعريفه، وتنكيره، وإفراده، وتثنيته، وجمعه، وتذكيره، وتأنيثه.... ينظر: اللمحة في شرح الملحة (٢/ ٧٢٧)، شرح ابن عقيل (٣/ ١٩١).


الصفحة التالية
Icon