باعتبار اتصافِهم بما ذُكر من النعوتِ الجميلةِ، وما فيه من معنى البعد؛ لما مر مراراً من الإشارة إلى علوِّ درجتِهم وبُعْدِ منزلتِهم في الفضلِ، وقيل: إليهما معاً، فالتنوينُ في قولِهِ تعالَى: ﴿لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا﴾ على الأول: للتفخيم، وعلى الثاني: للتنويعِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولذلك ترك العاطف (١) ههنا؛ لكونه كالنتيجة لما قبله كما مر في: ﴿أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ﴾ (٢)، بخلاف: ﴿وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾. (٣)
وأما حَمْل ﴿أُوْلَئِكَ﴾ على التعظيم فمما لا يظهر وجهه؛ لأن اسم الإشارة إنما يتوصل به إلى تعظيم المشار إليه بالبعيد، و ﴿أُوْلَئِكَ﴾ ليس مختصا بالبعيد (٤)." (٥) أهـ
(باعتبار اتصافهم إلخ) لبيان علة الحكم.
(وما فيه من معنى البعد) وما عن (ع): طريقة.
(وقيل: إليهما): أي إشارة إليهما (٦)، وهو مقابل لـ (إشارة إلى الفريق الثاني).
_________
(١) أي: ترك حرف العطف، وهو في هذا الموضع (الواو) حيث قال: ﴿أُوْلَئِكَ﴾، ولم يقل (وأولئك) كما في مواضع أخري نحو: ﴿أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ [البقرة: ١٥٧].
(٢) سورة: البقرة، الآية: ٥.
(٣) ينظر: روح المعاني (١/ ٤٨٧).
(٤) هذا غير صحيح فـ (أولئك) اسم إشارة للبعيد؛ لاقترانه بالكاف، كما سبق بيانه.
وقال الإمام الآلوسي في " روح المعاني " (١/ ٤٨٧): " قيل: وما فيه من معنى البعد؛ للإشارة إلى علو درجتهم وبُعد منزلتهم في الفضل." وينظر: محاسن التأويل (٢/ ٧٩).
(٥) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (٣٣٥ / أ).
(٦) أي: إشارة إلى الفريقين، وهذا هو الرأي الثاني.