..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وإن أراد اختصاصها بها حين استعمالها اسما بمعنى الجملة أو الجمع، فالاعتراض الثاني ليس بشاء؛ لأنه على تقدير كونه صفة لمصدر محذوف مستعمل بالمعنى الوصفي.
وكذا الثالث؛ لجواز أن يكون معناه محيط بقواعد كافة الأبواب عن التفرق.
على أن الزمخشري والزجاج هما الطودان العظيمان في اللغة فلابد في الرد عليهما من شاهد قوي، ومجرد شيوع استعماله كذلك لا يدل على الاختصاص." (١) (ع)
وفي (ش):
" وكافة في الأصل: اسم فاعل من الكف، وهو: المنع، ثم نقلته العرب، واستعملته بمعنى: جميعا وقاطبة؛ لاستغراق جملة الشاء؛ لأن الجملة تمنع الأجزاء من الانتشار. (٢)
وهي إما حال من ضمير ﴿ادْخُلُوا﴾ الفاعل وهو الظاهر، " أو من ﴿السِّلْمِ﴾؛ لأنها مؤنث كالحرب." كذا قال القاضي (٣) تبعا للزمخشري (٤).
وأورد عليه: أن تاء كافة كقاطبة، انتسخ عنها معنى التأنيث، فلا حاجة لما ذكر (٥).
وإن كان يختص بمن يعقل، ولا يكون حالا إلا من العقلاء. فهذا مخالف لكلام العرب كافة.
(٢) ينظر: معاني القرآن وإعرابه، للزجاج (١/ ٢٧٩)، تهذيب اللغة - باب الكاف والفاء (٩/ ٣٣٦)، تاج العروس - مادة كفف (٢٤/ ٣٢٠).
إلا أن الطاهر بن عاشور يرى غير ذلك، فقد قال في " التحرير والتنوير " (٢/ ٢٧٨): " وَ (كَافَّةً): اسْمٌ يُفِيدُ الْإِحَاطَةَ بِأَجْزَاءِ مَا وَصَفَ بِهِ، وَهُوَ فِي صُورَةِ صَوْغِهِ كَصَوْغِ اسْمِ الْفَاعِلَةِ مِنْ كَفَّ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ مُصَادَفَةٌ فِي صِيغَةِ الْوَضْعِ، وَلَيْسَ فِيهَا مَعْنَى الْكَفِّ وَلَا حَاجَةَ إِلَى تَكَلُّفِ بَيَانِ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ صُورَة لَفظهَا وَبين مَعْنَاهَا الْمَقْصُودِ فِي الْكَلَامِ لِقِلَّةِ جَدْوَى ذَلِكَ، وَتُفِيدُ مُفَادَ أَلْفَاظِ التَّوْكِيدِ الدَّالَّةِ عَلَى الشُّمُولِ وَالْإِحَاطَةِ.
وَالتَّاءُ الْمُقْتَرِنَةُ بِهَا مُلَازِمَةٌ لَهَا فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ كَيْفَمَا كَانَ الْمُؤَكَّدُ بِهَا مُؤَنَّثًا كَانَ أَوْ مُذَكَّرًا، مُفْرَدًا أَوْ جَمْعًا، نَحْوَ: ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً﴾ [التوبة: ٣٦]."
(٣) تفسير البيضاوي (١/ ١٣٤).
(٤) تفسير الكشاف (١/ ٢٥٢).
(٥) قال الإمام أبو حيان في " البحر المحيط " (٢/ ٣٣٩) ردا على الإمام الزمخشري: " وَتَعْلِيله - أي: الإمام الزمخشري - جَوَازَ أَنْ يَكُونَ: كَافَّةً، حَالًا مِنَ السِّلْمِ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهَا تُؤَنَّثُ كَمَا تُؤَنَّثُ الْحَرْبُ، لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ التَّاءَ فِي: كَافَّةً، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا لِلتَّأْنِيثِ، لَيْسَتْ فِيهَا إِذَا كَانَتْ حَالًا لِلتَّأْنِيثِ، بَلْ صَارَ هَذَا نَقْلًا مَحْضًا إِلَى مَعْنَى: جَمِيعٍ وَكُلٍّ، كَمَا صَارَ: قَاطِبَةً، وَعَامَّةً، إِذَا كَانَ حَالًا نَقْلًا مَحْضًا إِلَى مَعْنَى: كُلٍّ وَجَمِيعٍ. فَإِذَا قُلْتَ: قَامَ النَّاسُ كَافَّةً، أَوْ قَاطِبَةً، أَوْ عَامَّةً، فَلَا يَدُلُّ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ عَلَى التَّأْنِيثِ، كَمَا لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ: كُلٌّ، وَلَا جَمِيعٌ."