وتاؤُها: ليست للتأنيت حتى يُحتاجَ إلى جعل ﴿السِّلْمِ﴾ مؤنثاً مثلَ: الحربِ، كما في قوله عز وجل: ﴿وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا﴾، وفي قوله:

السلم تأخذ منها مارضيت به والحربُ يكفيكَ من أنفاسها جُرَعُ
وإنَّما هي: للنقل، كما في عامة وخاصة وقاطبة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
على أنه لو سلم، فلايعد مثله خطأ؛ لأنه لا يلزم استعمال المفردات فيما استعملته العرب بعينه. ولو التزم هذا أخطأ الناس في أكثر كلامهم (١)، وقد بسطناه في شرح درة الغواص (٢)." (٣)
(مثل الحرب) حملا عليها، فأنث كتأنيثها بجامع الضدية.
(السلم إلخ (٤)) " من ابتدائية، أو تبعيضية، أي: تأخذ منها ابتداء ما تحبه وترضاه،
(١) قال الطاهر بن عاشور في " التحرير والتنوير " (٢/ ٢٧٨): " وَاعْلَمْ أَنِّ تَحْجِيرَ مَا لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ الْعَرَبُ - إِذَا سَوَّغَتْهُ الْقَوَاعِدُ - تَضْيِيقٌ فِي اللُّغَةِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ اتِّبَاعُ الْعَرَبِ فِي اسْتِعْمَالِهِمْ أَدْخَلَ فِي الْفَصَاحَةِ، لَا مُوجِبًا لِلْوُقُوفِ عِنْدَهُ دُونَ تَعَدِّيهِ، فَإِذَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ فَقَدْ نَهَضَ."
(٢) ينظر: مخطوط " شرح درة الغواص في أوهام الخواص "، للشهاب الخفاجي، لوحة (٤٩ / ب) وما بعدها، وهو شرح لكتاب " درة الغواص في أوهام الخواص " وهو كتاب في اللغة، لأبي محمد الحريري البصري، المتوفى: ٥١٦ هـ.
(٣) حاشية الشهاب على البيضاوي (٢/ ٢٩٥).
(٤) أبا خراشة أما أنت ذا نفر فإن قومي لم تأكلهم الضبع
إن تك جلمود بصر لا أؤبسه أوقد عليه فأحميه فينصدع
السلم تأخذ منها ما رضيت به والحرب يكفيك من أنفاسها جرع
من البسيط، وهو للعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيِّ يخاطب خفاف بن ندبة.
الضبع: السنة المجدبة، أو الحيوان المعروف. والبصر: حجارة تضرب إلى بياض. والتأبيس: التذليل والكسر.
يقول: يا أبا خراشة، لأن كنت صاحب جيش افتخرت على، لا تفعل ذلك فإن قومي موجودون كثيرون. وكنى عن ذلك بعدم أكل الضبع إياهم. ثم قال: إن تكن كصخر من الحجارة لا أقدر على تأبيسه وتكسيره لصلابته، أوقد عليه نار الحرب بمعاونة الفرسان لي فأحرقه فينشق وينكسر. والسلم بالفتح وبالكسر: الصلح تأخذ منها ما يكفيك من طول المدة. وأما الحرب فيكفيك منها القليل.
والشاهد فيه: أنه يدل على تأنيث السلم، بطريق المقابلة للحرب؛ لأن الحرب: المقاتلة والمنازلة، ولفظها أنثى، يقال: قامت الحرب على ساق.
ينظر: ديوان العباس بن مرادس (١٠٣)، إصلاح المنطق (١/ ٢٩)، خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب (٤/ ١٨)، شرح شواهد الكشاف، لمحب الدين أفندي (١٦٦)، وشرح شواهدالكشاف، للمرزوقي (٦٩)، المعجم المفصل في شواهد العربية (٤/ ٢٨٥).


الصفحة التالية
Icon