والمعنى: استسلموا لله - تعالى - وأطيعوه جملةً ظاهراً وباطناً، والخطابُ للمنافقين.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فكل من لم يذقها شاربا عللا | منها بأنفاس ورد بعد أنفاس (١)." (٢) أهـ |
" ﴿السِّلْمِ﴾ بكسر السين وفتحها، وقرأ الأعمش بفتح السين واللام، وهو: الاستسلام والطاعة، أي: استسلموا لله وأطيعوه ﴿كَافَّةً﴾ لا يخرج أحد منكم يده عن طاعته. وقيل: هو الإسلام.
والخطاب لأهل الكتاب؛ لأنهم آمنوا بنبيهم وكتابهم، أو للمنافقين؛ لأنهم آمنوا بألسنتهم.
ويجوز أن يكون ﴿كَافَّةً﴾ حالا من السلم؛ لأنها تؤنث كما تؤنث الحرب، وساق البيت.
على أن المؤمنين أمروا بأن يدخلوا في الطاعات كلها، وأن لايدخلوا في طاعة دون طاعة، أو في شعب الإسلام وشرائعه كلها، وأن لا يخلوا بشاء منها." (٣) أهـ
قال السعد:
" (وهو) أي: السلم بالكسر والفتح، وكذا بفتح السين واللام: الانقياد والطاعة.
فالخطاب للمؤمنين الخلص، أو لأهل الكتاب المؤمنين بنبيهم وكتابهم، أو للمنافقين المؤمنين بألسنتهم، أو للكل.
و﴿كَافَّةً﴾ حال من ضمير ﴿ادْخُلُوا﴾، أو من ﴿السِّلْمِ﴾.
وقيل: السلم: الإسلام، وحينئذ لا يكون الخطاب للمؤمنين الخلص إلا بتأويل الإسلام بشعبه وفروعه؛ لأن قوله: ﴿ادْخُلُوا﴾ صريح في الأمر بإحداث الإسلام، لا الثبات عليه، أو الازدياد فيه، بل الخطاب لأهل الكتاب، أو للمنافقين، أو لهما جميعا.
_________
(١) البيت لعمران بن حطان، وهو من قصيدة قالها يرثي بها مرادس أبا بلال. وقد قال فيها:
أنكرتُ بعدكَ ما قدْ كنتُ أعرفه | ما الناسُ بعدكَ يا مرداسُ بالنَّاسِ |
إمّا شربتَ بكأسٍ دارَ أوَّلها | على القرون فذاقوا جرعة الكأسِ |
فكل من لم يذقها شارب عجلاً | منها بأنفاس ورد بعد أنفاسِ |
ينظر: الكامل في اللغة والأدب (٣/ ١٢٥) [لأبي العباس المبرد، ت: ٢٨٥ هـ، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الفكر العربي - القاهرة، ط: الثالثة ١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م]، تعليق من أمالي ابن دريد (١/ ١٧٤) [لأبي بكر بن دريد الأزدي، ت: ٣٢١ هـ، تحقيق: السيد مصطفى السنوسي، الناشر: المجلس الوطني للآداب بالكويت، ط: الأولى، ١٤٠١ هـ - ١٩٨٤ م]، العقد الفريد (١/ ١٨٣)، شعر الخوارج (١/ ١٤٢) [لد. إحسان عباس ت: ١٤٢٤ هـ، دار الثقافة، بيروت - لبنان، ط: الثالثة، ١٩٧٤ م].
(٢) حاشية الشهاب على البيضاوي (٢/ ٢٩٥).
(٣) تفسير الكشاف (١/ ٢٥٢).