أو في شرائع الله -تعالى- كلِّها، بالإيمان بالأنبياء- عليهم السلام -، والكتب جميعا، والخطابُ لأهل الكتاب كلِّهم، ووصفُهم بالإيمان إما على طريقة التغليب، وإما بالنظر إلى إيمانهم القديم.
أو في شعب الإسلام وأحكامِه كلها، فلا يخلوا بشئ منها،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(أو في شرائع إلخ): " فالمراد بـ ﴿السِّلْمِ﴾: جميع الشرائع، بذكر الخاص وإرادة العام، فإن الإسلام: شريعة نبينا (صلى الله عليه وسلم). وحمل اللام على الاستغراق (١)، و ﴿كَافَّةً﴾ حال من ﴿السِّلْمِ﴾، والخطاب لأهل الكتاب من الكفار.
والمعنى: ادخلوا أيها المؤمنون بشريعة واحدة في الشرائع كلها، ولا تفرقوا فيها.
ولا يصح على هذا أن يكون الخطاب للمؤمنين؛ لاتصافهم بذلك، ولا للمنافقين؛ لعدم أصل الإيمان فيهم." (٢) وهذا وجه المفسر الثالث (٣).
(كلهم) عرفت عن (ع): " أنه للكفار منهم."
(إما على طريقة التغليب): لا يلائم ما عرفت عن (ع).
(وإما بالنظر إلى إيمانهم القديم) هذا هو الملائم لما عن (ع) (٤).
(أو في شعب إلخ): " فالإسلام: على معناه الحقيقي، و ﴿كَافَّةً﴾ حال عن ﴿السِّلْمِ﴾، والخطاب: للمؤمنين الخلص، وأما المنافقون والكفار فيطلب منهم أصل الإيمان، لا تكميله بالدخول في جميع شعبه.
_________
(١) اللام التي للاستغراق: هي أحد أقسام (أل) المعرفة، وَالاستغراق على قسمَيْنِ: إِمَّا أَن يكون بِاعْتِبَار حَقِيقَة الْأَفْرَاد، نَحْو: ﴿وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء: ٢٨]، أَي: كل وَاحِد من جنس الانسان ضَعِيف.
وَضَابِطه: أَن يَصح حُلُول (كل) محلهَا على جِهَة الْحَقِيقَة، فَإِنَّهُ لَو قيل: وَخلق كل إِنْسَان ضَعِيفا، لصَحَّ ذَلِك على جِهَة الْحَقِيقَة.
أَو بِاعْتِبَار صِفَات الْأَفْرَاد، نَحْو قَوْلك: أَنْت الرجل، أَي: الْجَامِع لصفات الرِّجَال المحمودة.
وَضَابِطه: أَن يَصح حُلُول (كل) محلهَا على جِهَة الْمجَاز، فَإِنَّهُ لَو قيل: أَنْت كل الرجل، لصَحَّ ذَلِك على جِهَة الْمُبَالغَة. ينظر: شرح قطر الندى (١/ ١١٣).
(٢) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (٣٣٩ / أ).
(٣) حيث قال: " أو شرائع الله تعالى كلِّها بالإيمان بالأنبياء - عليهم السلام - والكتب جميعا، والخطابُ لأهل الكتاب كلِّهم، ووصفُهم بالإيمان إما على طريقة التغليب، وإما بالنظر إلى إيمانهم القديم." تفسير أبي السعود (١/ ٢١٢).
(٤) انظر النص السابق للإمام عبد الحكيم السيالكوتي.


الصفحة التالية
Icon