فيوسِّعُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(يوسع إلخ) في (ك):
" يعني أنه يوسع على من توجب الحكمة التوسعة عليه، كما وسع على قارون (١) وغيره، فهذه التوسعة عليهم من جهة الله لما فيها من الحكمة، وهي استدراجهم (٢) بالنعمة.
ولو كانت كرامة لكان أولياؤه المؤمنون أحق بها منكم." (٣) أهـ
قال السعد:
" (على من توجب الحكمة) إشارة إلى أنه لا يشاء إلا ما يجب في الحكمة. (٤)
_________
(١) قارون: هو قَارُونُ بْنُ يَصْهَرَ بْنِ قَاهِثَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ بْنِ قَاهِثَ، وَقِيلَ: كَانَ عَمَّ مُوسَى، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَكَانَ عَظِيمَ الْمَالِ كَثِيرَ الْكُنُوزِ. قِيلَ: إِنَّ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِهِ كَانَتْ تُحْمَلُ عَلَى أَرْبَعِينَ بَغْلًا، فَبَغَى عَلَى قَوْمِهِ بِكَثْرَةِ مَالِهِ، فَوَعَظُوهُ، وَنَهَوْهُ، فَلَمْ يَرْجِعْ عَنْ غَيِّهِ، فخسف الله به وبداره الأرض، وقد قَصَّ اللَّهُ تَعَالَى خبره فِي سورة القصص الآيات (٧٦ - ٨٢).... ينظر: تاريخ الرسل والملوك (١/ ٤٤٣) [لمحمد بن جرير الطبري ت: ٣١٠ هـ، دار التراث - بيروت، ط: الثانية - ١٣٨٧ هـ]، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (١/ ٣٦٥)، الكامل في التاريخ (١/ ١٧٧) [لعز الدين ابن الأثير ت: ٦٣٠ هـ، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، دار الكتاب العربي، بيروت، ط: الأولى، ١٤١٧ هـ / ١٩٩٧ م].
(٢) الاستدراج: هُوَ أَن يُعْطي الله العَبْد كل مَا يُريدهُ فِي الدُّنْيَا ويملي له؛ لِيَزْدَادَ غيه وعناده، وييسر له الأمور فيظن أنه في غاية المأمن، حتى إذا أخذه لم يفلته.. والآيات الدالة على الاستدراج كثيرة منها: ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِ‍آيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ١٨٢]، ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ﴾ [الأنعام: ٤٤].
والاستدراج أيضا: هو ما قابل الكرامة، فالأمر الخارق للعادة إذا ظهر على يد مدعي النبوة فهو معجزة، وإذا ظهر على يد وليّ صالح فهو كرامة، وإذا ظهر على يد فاسق فهو استدراج كتحويل التراب ذهبا لقارون.
ينظر: الكليات (١/ ١١٣)، لوامع الأنوار البهية (٢/ ٣٩٦)، مختصر التحفة الاثنى عشرية (١/ ٨٨) [لشاه عبد العزيز الدهلوي، تحقيق: محب الدين الخطيب، المطبعة السلفية، القاهرة، ط: ١٣٧٣ هـ].
(٣) تفسير الكشاف (١/ ٢٥٥).
وينظر: مفاتيح الغيب (٦/ ٣٧١)، مدارك التنزيل (١/ ١٧٧).
(٤) هذه إشارة تعود إلى مسألة اختلفت فيها أقوال الناس، وهي مسألة " الحكمة والتعليل في أفعال الله ومأموراته " والمشهور فيها ثلاثة أقوال:
الأول: هو قول المعتزلة ومن وافقهم حيث إنهم يقولون: إن هذا العالم إنما خلق لحكمة وعلة، وهي حكمة وعلة تعود إلى المخلوق، وهذه الحكمة هي نفع الخلق والإحسان إليهم، هكذا قال المعتزلة، وأحسنوا بإثبات الحكمة، وأخطأوا خطأ كبيراً بتحديد الحكمة، وأنها تعود إلى المخلوق، وأنها النفع والإحسان إليه، وبناءً على هذا القول انحرفوا في نواح كثيرة من مسائل القدر؛ حيث زعموا أن الله ما دام خلق الخلق لينفعهم فإنه يجب عليه أن يفعل بهم كل ما يوصلهم إلى هذه الغاية، فقالوا: بوجوب الصلاح والأصلح على الله عزوجل.
وهذا القول من المعتزلة في الحكمة والتعليل وما أداهم إليه من الأقوال المخالفة لصريح الشرع هو الذي جعل الأشاعرة ومن تابعهم ينفون الحكمة عن الله عزوجل، فهم أصحاب القول الثاني. فهم يقولون: إن الله لم=


الصفحة التالية
Icon