..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقال الكلبي (١): " الذين كانوا أمة واحدة هم أهل سفينة نوح، فإنه لما غرقت الأرض زمن الطوفان لم يبق إلا أهل السفينة وكلهم كانوا على الحق والدين الصحيح، ثم اختلفوا بعد ذلك." (٢)
وإذا ثبت هذا القدر بالدليل القطعي، ولم يثبت بشاء [من الدلائل أنهم كانوا متفقين على الكفر والباطل، وجب حمل اللفظ على ما ثبت بالدليل، وأن لا يحمل على ما لم يثبت بشاء] (٣) من الدليل. (٤)
وقال قتادة وعكرمة: " كان الناس من وقت آدم إلى مبعث نوح - وكان بينهما عشرة قرون - كلهم على شريعة واحدة من الحق والهدى، ثم اختلفوا في زمن نوح فبعث الله إليهم نوحا وكان أول نبي بعثه الله." (٥)
_________
(١) الكلبي: هو محمد بن السائب بن بشر الكلبي، أبو النضر، المتوفى: ١٤٦ هـ، نسابة راوية عالم بالتفسير والأخبار وأيام العرب. من أهل الكوفة. مولده ووفاته فيها. وهو من (كلب بن وبرة) من قضاعة. شهد وقعة دير الجماجم مع ابن الأشعث. وصنف كتابا في (تفسير القرآن)، وهو ضعيف الحديث، قال النسائي: حدث عنه ثقات من الناس ورضوه في التفسير، وأما في الحديث ففيه مناكير. وقيل: كان سبئيا، من أصحاب (عبد الله بن سبإ) الّذي كان يقول: إن علي بن أبي طالب لم يمت، وسيرجع ويملأ الدنيا عدلا كما ملئت جورا. ينظر: المعارف (١/ ٥٣٥) [لابن قتيبة الدينوري ت: ٢٧٦ هـ، تحقيق: ثروت عكاشة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ط: الثانية، ١٩٩٢ م]، الفهرست (١/ ١٢٤) [لابن النديم ت: ٤٣٨ هـ، تحقيق: إبراهيم رمضان، دار المعرفة بيروت - لبنان، ط: الثانية ١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ مـ]، ميزان الاعتدال (٣/ ٥٥٦).
(٢) ذكره الإمام الثعلبي في " الكشف والبيان " (٢/ ١٣٣)، والإمام البغوي في " معالم التنزيل " (١/ ٢٧١)، والإمام القرطبي في تفسيره (٣/ ٣١).
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من ب.
(٤) هذه هي الأدلة التي ذكرها الإمام الرازي في " مفاتيح الغيب " (٦/ ٣٧٢) على أن الناس كَانُوا عَلَى دِينٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْإِيمَانُ وَالْحَقُّ.
وَقال الإمام الطبري في تفسيره (٤/ ٢٧٨): " وأولى التأويلات في هذه الآية بالصواب أن يقال: إن الله-عز وجل- أخبر عباده أن الناس كانوا أمة واحدة على دين واحد وملة واحدة، وكان الدينُ الذي كانوا عليه دينَ الحق، فاختلفوا في دينهم، فبعث الله عند اختلافهم في دينهم النبيين مبشرين ومنذرين ﴿وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾، رحمة منه - جل ذكره - بخلقه."
(٥) أخرجه الإمام الطبري في تفسيره (٤/ ٢٧٦)، رقم: ٤٠٤٩، وابن أبي حاتم في تفسيره (٢/ ٣٧٧)، رقم: ١٩٨٩، كلاهما عن قتادة، وذكره الإمام الثعلبي في " الكشف والبيان (٢/ ١٣٣)، والإمام البغوي في "معالم التنزيل" (١/ ٢٧١)، وعزاه الإمام السيوطي في " الدر المنثور " (١/ ٥٨٣) لعبد بن حميد.