..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وحكى القرطبي (١) عن أبي خيثمة (٢): " منذ خلق الله آدم إلى أن بعث محمدا خمسة آلاف سنة وثمان مائة سنة، وقيل: أكثر من ذلك، وكان بينه وبين نوح ألف سنة، وعاش آدم ستمائة سنة، وكان الناس في زمانه أمة واحدة متمسكين بالدين الحق، تصافحهم الملائكة، فداموا على ذلك إلى رفع إدريس فاختلفوا." قال (٣): وهذا فيه نظر! لأن إدريس بعد نوح على الصحيح." (٤)
وقيل: " إن الناس كانوا أمة واحدة متفقة على ملة الكفر." (٥) [وهو قول ابن عباس وعطاء (٦) والحسن.
_________
(١) القرطبي: هو محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي، أبو عبد الله، المتوفى: ٦٧١ هـ. فقيه مفسر عالم باللغة، وُلد بقرطبة، ثم رحل إلى الإسكندرية، ثم إلى صعيد مصر حيث استقر فيه حتى موته. كان عالمًا كبيرًا منقطعًا إلى العلم منصرفًا عن الدنيا، فترك ثروة علمية تقدر بثلاثة عشر كتابًا، مابين مطبوع ومخطوط، أبرزها: تفسيره (الجامع لأحكام القرآن)، وهو تفسير كامل عُني فيه بالمسائل الفقهية إلى جانب العلوم الأخرى، و (التذكرة بأحوال الموتى وأحوال الآخرة)، و (التذكار في أفضل الأذكار)، و (التقريب لكتاب التمهيد).
ينظر: طبقات المفسرين للسيوطي (١/ ٩٢)، طبقات المفسرين للداوودي (٢/ ٦٩).
(٢) أبو خيثمة: هو زهير بن حرب بن شداد النّسائي البغدادي، أبو خيثمة، المتوفى: ٢٣٤ هـ، محدّث بغداد في عصره. أصله من (نسا) وشهرته ببغداد. له كتاب (العلم)، حدث عَنْ سفيان بْن عيينة، وَالوليد بْن مسلم، وروى عنه ابنه أَحْمَد، وَيعقوب بْن شيبة، وأَحْمَد بْن سَعْد الزُّهْرِيّ، وَمحمد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَارِيّ، وَأكثر الإمام مسلم من الرواية عنه.
ينظر: تاريخ بغداد (٩/ ٥٠٩)، تذكرة الحفاظ (٢/ ١٩)، شذرات الذهب (٣/ ١٥٧).
(٣) أي: الإمام القرطبي.
(٤) تفسير القرطبي (٣/ ٣٠ - ٣١).
(٥) أخرجه الإمام ابن أبي حاتم في تفسيره (٢/ ٣٧٦)، رقم: ١٩٨٣، وذكره الإمام الماوردي في " النكت والعيون " (١/ ٢٧١)، والإمام البغوي في " معالم التنزيل " (١/ ٢٧١)، بلفظ: " وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أُمَّةً وَاحِدَةً كُفَّارًا كُلُّهُمْ، فَبَعَثَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ وَغَيْرَهُ مِنَ النَّبِيِّينَ."، وذكره الإمام القرطبي في تفسيره (٣/ ٣١)، وعزاه الإمام السيوطي في " الدر المنثور" (١/ ٥٨٣) لابن جرير من طريق العوفي، ولم أجده في تفسير ابن جرير المطبوع في تفسير هذه الآية، والله أعلم.
وقد سبق أن بَيَّنَّا أن الإمام ابن كثير ذكر هذه الرواية في تفسيره (١/ ٥٦٩) عن ابن عباس مع الرواية الأولى عنه أيضا ثم قال: " وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَصَحُّ سَنَدًا وَمَعْنًى."
(٦) عطاء: هو عطاء بن أسلم بن صفوان، عُرف بعطاء بن أبي رباح، أَبُو مُحَمَّد، المتوفى: ١١٤ هـ، تابعيّ من أجلاء الفقهاء. كان عبدا أسود. ولد في جند (باليمن)، ونشأ بمكة فكان مفتي أهلها ومحدثهم، وتوفي فيها. وكان حجة إماما كبير الشأن، أخذ عنه الإمام أبو حنيفة.
ينظر: حلية الأولياء (٣/ ٣١٠)، ميزان الاعتدال (٣/ ٧٠)، تهذيب التهذيب (٧/ ١٩٩).