وقرئ: (حتى يقولُ) بالرفع؛ على أنه حكاية حال ما ضية.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(وقرئ إلخ) أي: قرأ نافع بالرفع، والباقون بالنصب (١).
(على أنه حكاية إلخ) في (ش):
" إذا وقع بعدها - أي: حتى - فعل فإما حال أو مستقبل أو ماض، فالأول: يرفع، نحو: "مرض زيد حتى لا يرجونه" في الحال، والثاني: ينصب كـ" سرت حتى أدخل البلد" وأنت لم تدخلها، والثالث: يحكى، ثم حكايته بحسب كونه حالا بأن يقدر أنه حال فيرفع على حكاية الحال الماضية، أو بحسب الاستقبال فتنصبه على حكاية الحال المستقبلة، فيقال هنا في الرفع والنصب: أنه على حكاية الحال بمعنيين مختلفين (٢). فاعرفه؛ فإنه وقع التعبير به في القراءتين، فلا يلتبس عليك." (٣) أهـ
_________
(١) قَرَأَ الْجُمْهُورُ: ﴿حَتَّى يَقُولَ﴾، بنصب الفعل بعد (حتى)، وهو مَنْصُوبٌ إِمَّا عَلَى الْغَايَةِ، أَيْ: وَزُلْزِلُوا إِلَى أَنْ يَقُولَ الرَّسُولُ.
وَإِمَّا عَلَى التَّعْلِيلِ، أَي: وَزُلْزِلُوا كَيْ يَقُولَ الرَّسُولُ، وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْمَسَّ وَالزِّلْزَالَ لَيْسَا مَعْلُولَيْنِ لِقَوْلِ الرَّسُولِ وَالْمُؤْمِنِينَ.
وَقَرَأَ نَافِعٌ ومجاهد وابن محيصن وشيبة والأعرج، (حَتَّى يَقُولُ): بِرَفْعِ الفعل بعد (حتى)، وَيرفع الْمُضَارِعُ بَعْدَ حَتَّى إِذَا كَانَ فِعْلَ حَالٍ، ولَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ حَالًا فِي حِينِ الْإِخْبَارِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ حَالًا قَدْ مَضَتْ، فَيَحْكِيهَا عَلَى مَا وَقَعَتْ، فَيُرْفَعُ الْفِعْلُ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْمُضِيُّ، فَيَكُونُ حَالًا مَحْكِيَّةً، إِذِ الْمَعْنَى: وَزُلْزِلُوا فَقَالَ الرَّسُولُ.
ينظر: معاني القرآن وإعرابه، للزجاج (١/ ٢٨٦)، السبعة في القراءات (١/ ١٨١)، الحجة في القراءات السبع (١/ ٩٥)، التيسير في القراءات السبع (١/ ٨٠) [لأبي عمرو الداني ت: ٤٤٤ هـ، تحقيق: اوتو تريزل، دار الكتاب العربي - بيروت، ط: الثانية، ١٤٠٤ هـ/ ١٩٨٤ م]، معالم التنزيل (١/ ٢٧٣)، المحرر الوجيز (١/ ٢٨٨)، التبيان في إعراب القرآن (١/ ١٧٢)، تفسير القرطبي (٣/ ٣٤)، البحر المحيط (٢/ ٣٧٣)، الدر المصون (٢/ ٣٨٢).
واختار الإمام أبو جعفر النحاس قراءة الرفع. ينظر: إعراب القرآن للنحاس (١/ ١٠٨).
" وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَكْثَرِينَ اخْتَارُوا النَّصْبَ؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ الرَّفْعِ لَا تَصِحُّ إِلَّا إِذَا جَعَلْنَا الْكَلَامَ حِكَايَةً عَمَّنْ يُخْبِرُ عَنْهَا حَالَ وُقُوعِهَا، وَقِرَاءَةُ النَّصْبِ لَا تَحْتَاجُ إِلَى هَذَا الْفَرْضِ فَلَا جَرَمَ كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّصْبِ أَوْلَى." أهـ
قاله الإمام الرازي في " مفاتيح الغيب " (٦/ ٣٨٠).
واختار النصب أيضا الإمام الطبري في " تفسيره " (٤/ ٢٩١)، والإمام مكى في " الهداية إلى بلوغ النهاية" (١/ ٧٠٣).
(٢) ينظر: الكتاب (٣/ ١٦) [لسيبويه، عمرو بن عثمان ت: ١٨٠ هـ، تحقيق: عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط: الثالثة، ١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م]، المفصل في صنعة الإعراب (١/ ٣٢٦)، شرح التسهيل لابن مالك (٤/ ٥٤).
(٣) حاشية الشهاب على البيضاوي (٢/ ٢٩٩).