..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال السعد:
" فإن قلت: هلا جعلوا: ﴿أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ مقول الرسول، و ﴿مَتَى نَصْرُ اللَّهِ﴾ مقول من معه على طريق اللف والنشر، [أي] (١): الغير مرتب؟
قلت: أما لفظا؛ فلأنه لا يحسن عطف القائلين دون المقولين (٢)، وأما معنى؛ فلأنه لا يحسن ذكر قول الرسول: ﴿أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ في الغاية التي قصد بها تناهي الأمر في الشدة." (٣) أهـ
قال (ع):
" وما قيل في دفع الوجهين: من أن ترك العطف للتنبيه على أن كلا مقول لواحد منهما، واحترازا عن توهم كون المجموع لكل واحد، ولينبه على أن الرسول قاله لهم في جوابهم.
والثاني: بأن منصب الرسالة يستدعي تنزيهه عن التزلزل، فوهم؛ لأنه إذا ترك العطف لا يكون معطوفا على المقول الأول، فكيف التنبيه على كون كل مقولا لواحد منهما، والثاني جواب عن شاء ليس مذكورا في كلام السعد (٤)." (٥) أهـ وفيه شاء تدبر.
وفي (ش):
" (استئناف على إرادة القول) قدره بقوله: (فقيل)، والفاء فيه استئنافية كما نينه (٦) النحاة (٧)، ونص عليه في المغني (٨)، وإن زعم هو أنها عاطفة في مثله، فما قيل: إن الفاء لا تكون
_________
(١) سقط من ب.
(٢) يقصد: بالقائلين: ﴿الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ﴾، وبينهما حرف عطف وهو الواو، والمقولين: ﴿مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾، وليس بينهما عاطف.
(٣) مخطوط حاشية سعد الدين التفتازاني على الكشاف لوحة (١٣٥ / أ).
(٤) أي في عبارة الإمام سعد الدين السابقة، أعلى هذه الصفحة.
(٥) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (٣٤٤ / ب - ٣٤٥ / أ).
(٦) في ب: نَبَّه، وفي حاشية الشهاب بلفظ: قرر. وهما أصح من المذكور.
(٧) قد تقترنَ الفاءِ أو الواو بالجملة الاستئنافيَّة. فالأولُ: كقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الأعراف: ١٩٠]. والثاني: كقولهِ: ﴿فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَى﴾ [آل عمران: ٣٦]. ينظر: جامع دروس العربية (٣/ ٢٨٧).
(٨) ينظر: مغني اللبيب (١/ ٢٢٢ - ٢٢٣)، حيث قال ابن هشام: " قيل: الْفَاء تكون للاستئناف، كَقَوْلِه:
ألم تسْأَل الرَّبعَ القَواءَ فينطقُ... [هذا صدر بيت وعجزه:... وهل تخبرنكَ اليومَ بيداءُ سملقُ، وهو لجميل صاحب بثينة، وهو من الطويل. ينظر: منتهى الطلب من أشعار العرب (١/ ٧١) [لمحمد بن المبارك بن ميمون ت: ٥٩٧ هـ]، شرح التصريح (٢/ ٣٨١)، ضياء السالك (٤/ ٢٥)]
أَي: فَهُوَ ينْطق؛ لِأَنَّهَا لَو كَانَت للْعَطْف لجزم مَا بعْدهَا، وَلَو كَانَت للسَّبَبِيَّة لنصب، [وذكر مثالين آخرين ثم قال: ] وَالتَّحْقِيق: أَن الْفَاء فِي ذَلِك كُله للْعَطْف."


الصفحة التالية
Icon