..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الثاني: أن السؤال ضربان:
سؤال جدل، وحقه أن يطابقه جوابه، لا يكون زائدا عليه ولا ناقصا عنه.
وسؤال تعلم، وحق المعلم فيه أن يكون كطبيب رفيق يتحرى ما فيه الشفاء، طلبه المريض أو لم يطلبه، فلما كان حاجتهم إلى من ينفق عليه كحاجتهم إلى ما ينفق، بَيَّن الأمرين." (١)
كمن به صفراء فاستأذن طبيبا في أكل العسل فقال: كله مع الخل. (٢)
وقول السكاكي (٣): " إنهم سألوا عن بيان ما ينفقون، فأجيبوا ببيان المصرف، ونزل سؤال السائل منزلة سؤال غيره؛ لتوخي التنبيه بألطف وجه على تعديه عن موضع سؤال هو أليق بحاله وأهم." (٤)
بناء على أنها ليس فيها ذكر المنفق أصلا، لا وجه له؛ لأن قوله: ﴿مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ﴾ ذكر له، لكن لما كان لا حد له أجمل، أي: كل حلال قليلا أو كثيرا.
والزمخشري: " جعل السياق لبيان المصرف، والمنفق صريح فيه (٥)، وهو الخير." (٦)
وتقديره: ما يعتد به من إنفاق الخير مكانه، ومصرفه الأقربون.
_________
(١) تفسير الراغب الأصفهاني (١/ ٤٤٤).
وينظر: التفسير البسيط، للواحدي (٤/ ١٢٨).
(٢) ينظر: روح المعاني (١/ ٥٠١).
(٣) السكاكي: هو يوسف بن أبي بكر بن محمد السكاكي الخوارزمي الحنفي، أبو يعقوب، سراج الدين، المتوفى: ٦٢٦ هـ، إِمَام فِي النَّحْو والتصريف، والمعاني وَالْبَيَان، وَالِاسْتِدْلَال وَالْعرُوض وَالشعر، وَله النَّصِيب الوافر فِي علم الْكَلَام وَسَائِر الْفُنُون. مولده ووفاته بخوارزم، وَمن مشائخه: سديد الخياطي، ومحمود بن صاعد بن مَحْمُود الْحَارِثِيّ، وأخذ عنه علم الْكَلَام مُخْتَار بن مَحْمُود الزَّاهدِيّ. من كتبه: (مفتاح العلوم) فِيهِ اثْنَا عشر علما من عُلُوم الْعَرَبيَّة، و (رسالة في علم المناظرة). ينظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (٢/ ٢٢٥)، بغية الوعاة (٢/ ٣٦٤)، شذرات الذهب (٧/ ٢١٥).
(٤) مفتاح العلوم (١/ ٣٢٧).
(٥) مكتوب في هامش المخطوط: (عبارة الزمخشري: " مدمج فيه."، لعل هذا تحريف من الكاتب. تأمل.)
(٦) ينظر: تفسير الكشاف (١/ ٢٥٧).