..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ

أكُلَّ امرئٍ تَحْسَبِينَ امْرَأَ ونارٍ تَوَقَّدُ باللَّيْلِ نارَا (١)
ولا يحسن عطفه على ﴿سَبِيلِ اللَّهِ﴾؛ لأن عطف قوله: ﴿وَكُفْرٌ بِهِ﴾ على ﴿وَصَدٌّ﴾ مانع منه؛ إذ لا يقدم العطف على الموصول، على العطف على الصلة، ولا على الهاء في ﴿بِهِ﴾؛ فإن العطف على الضمير المجرور إنما يكون لإعادة الجار (٢)." (٣) أهـ
فكتب (ع): " (على إرادة المضاف) حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه في الإعراب شائع كثير، حتى قال ابن جني: أنه زهاء ألف في القرآن. (٤)
وأما حذف المضاف وإجراء المضاف إليه بحاله (٥) فقد قال في التسهيل (٦): " إن القياسي منه مشروط بكون المضاف (٧) إثر عاطف متصل به، أو مفصول بـ (لا) مسبوق بمضاف مثل المحذوف لفظا ومعنى، نحو: ما مثل زيد ولا أبيه يقولان ذلك، أي: ولا مثل أبيه. ونحو: ما كل سوداء تمرة ولا بيضاء شحمة.
_________
(١) البيت من شواهد: الكتاب، لسيبويه (١/ ٦٦)، المفصل في صنعة الإعراب (١/ ١٣٧)، المقرب (١/ ٢٣٧) [لابن عصفور علي بن مؤمن ت: ٦٦٩ هـ، تحقيق: أحمد الجواري، ط: الأولى، ١٣٩٢ هـ، ١٩٧٢ م]، شرح التسهيل، لابن مالك (٣/ ٢٧٠)، مغني اللبيب (١/ ٢٩٠).
وسيأتي شرح البيت في عبارة الإمام السيوطي القادمة.
(٢) الْعَطْفُ على الْضمير الْمَجْرُور فِيهِ مَذَاهِبٌ ثلاثة:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِإِعَادَةِ الْجَارِّ إِلَّا فِي الضَّرُورَةِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِغَيْرِ إِعَادَةِ الْجَارِّ فِيهَا، وَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْبَصْرِيِّينَ.
الثَّانِي: أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ، وَيُونُسَ، وَأَبِي الْحَسَنِ، وَالْأُسْتَاذِ أَبِي عَلِيٍّ الشَّلَوْبِينَ، وابن مالك.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ إِنْ أُكِّدَ الضَّمِيرُ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ فِي الْكَلَامِ، نَحْوَ: مَرَرَتُ بِكَ نَفْسِكَ وَزَيْدٍ، وَهَذَا مَذْهَبُ الجرمي والزيادي.
ينظر: اللباب في علل البناء والإعراب (١/ ٤٣٢) [لأبي البقاء العكبري ت: ٦١٦ هـ، تحقيق: د. عبد الإله النبهان، دار الفكر - دمشق، ط: الأولى، ١٤١٦ هـ ١٩٩٥ م]، توضيح المقاصد (١/ ١٠٢٦).
(٣) تفسير البيضاوي (١/ ١٣٧).
(٤) نص ما قاله ابن جني: " وكذلك حذف المضاف قد كثر؛ حتى إن في القرآن - وهو أفصح الكلام - منه أكثر من مائة موضع، بل ثلثمائة موضع، وفي الشعر منه ما لا أحصيه." الخصائص (٢/ ٤٥٤).
(٥) أي: إبقائه على حاله من الجر.
(٦) أي: قال " ابن مالك " المتوفى: ٦٧٢ هـ، في كتابه " تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد "، ولكن هذه العبارة موجودة في كتابه " شرح التسهيل ".
(٧) أي: المحذوف.


الصفحة التالية
Icon