..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لكن قد جرت عادته في هذا الكتاب أن يعتبر في أمثال هذه المواضع (١) التفاوت والبُعْد بَين المعطوف عليه، وبَين ما دخله النفي من المعطوف، لا بينه وبين النفي.
ذَكر في قوله: ﴿وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ﴾ (٢)، أن (ثم) للدلالة على بُعْد ما بين توليتهم الأدبار، وكونهم ينصرون (٣). (٤)
وأما الاعتراض: بأن التفاوت يُفْهَم من كَوْن أحد الأمرين مأمورا به، والآخر منهيا عنه، سواء كان العطف بـ (ثم) أو بالواو أو بالفاء. فليس بشاء؛ لأن المراد بـ (ثم) إشعار بذلك، ودلالة عليه من حيث كونها في الأصل للبعد والتراخي، ولا كذلك الفاء والواو.
والأمر والنهي حتى لو عُلِمَ، عُلِمَ بدلالة العقل (٥).
(٢) سورة: آل عمران، الآية: ١١١.
(٣) ينظر: تفسير الكشاف (١/ ٤٠١).
(٤) يقصد: أن الإمام الزمخشري يقول: إحداهما صواب والأخرى خطأ، أي: الإفاضة من عرفات والإفاضة من مزدلفة.
فيقول السعد: أن التفاوت المفروض يكون بين المعطوفين أي بين: الإفاضة من عرفات، وعدم الإفاضة من المزدلفة. أحدهما مثبت والآخر منفي، ثم يقول إن الإمام الزمخشري قد فعل ذلك أيضا في آية آل عمران، حيث جعل التفاوت بين: توليتهم الأدبار وكونهم ينصرون، والمفروض كونهم لا ينصرون.
(٥) أي أن الأمر والنهي لو علم، سيكون العلم به عن طريق دلالة العقل.