حتى يرجع إلى الجدر، واستوف حقك، ثم أرسل إلى جارك" (١).
وكان رسول الله - ﷺ - أشار على الزبير برأي فيه السعة له ولخصمه، فلما أحفظ رسول الله - ﷺ - استوعب للزبير حقه في صريح الحكم.
ثم خرجا فمرا على المقداد، فقال: لمن كان القضاء يا بلتعة؟ فقال: قضى لابن عمته، ولوى شدقه، ففطن له يهودي كان مع المقداد، فقال: قاتل الله هؤلاء! يشهدون أنه رسول الله، ثم يتهمونه في قضاء يقضي بينهم، وأيم الله! لقد أذنبنا ذنبًا مرة واحدة في حياة موسى، فدعانا موسى إلى التوبة منه، فقال: فاقتلوا أنفسكم، فقتلنا، فبلغ قتلانا سبعين ألفًا في طاعة ربنا، حتى رضي عنا، فقال ثابت بن قيس بن شماس: أما والله، إن الله ليعلم مني الصدق، ولو أمرني محمد أن أقتل نفسي لفعلت، فأنزل الله في شأن حاطب بن أبي بلتعة، وليه شدقه: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾.
وقال مجاهد، والشعبي: نزلت في قصة بشر المنافق، واليهودي، اللذين اختصما إلى عمر بن الخطاب.

(١) أخرجه البخاري، كتاب الشرب والمساقاة، باب سَكْرِ النهار (٢٣٥٩ - ٢٣٦٠)، وفي مواضع أخرى (٢٣٦١ - ٢٣٦٢ - ٢٠٧٨ - ٤٥٨٥) ومسلم، كتاب الفضائل، باب وجوب اتباعه (٢٣٥٧)، وأبو داود، كتاب الأقضية، باب من القضاء (٣٦٣٧) وغيرهم من طريق الزهري عن عروة عن أبيه.
وقوله: فلما أحفظ -أي: أغضب.
وقوله: (ثم خرجا، فمرا على المقداد) من زبادات الثعلبي، وليس لها إسناد، كما قال ابن حجر في "فتح الباري" ٥/ ٤٤، ورد هذه الزيادة؛ لأجل ما فيها من تعريض بحاطب، وهو بدري، رضي الله عنه. وحق لها أن ترد.


الصفحة التالية
Icon