الحارث بن زيد، فلما رآه حمل عليه فقتله، فقال الناس: ويحك، أي شيء صنعت؟ إنه قد أسلم، فرجع عياش إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله، قد كان من أمري وأمر الحارث ما قد علمت، وإني لم أشعر بإسلامه حتى قتلته (١)، فنزل عليه قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً﴾، أي: لا ينبغي لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ، وليس معنى قوله: ﴿وَمَا كَانَ﴾ على النفي، وإنما هو على التحريم والنهي، كقوله -عز وجل-: ﴿وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ﴾ (٢)، ولو كان ذلك على النفي لما وجدت مؤمناً قتل مؤمناً قط، لأن ما نفى الله سبحانه لم يجز وجوده، كقوله -عز وجل-: ﴿مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا﴾ (٣) فلا يقدر العباد على نبات شجرها البتة.
وقوله ﴿إِلَّا خَطَأً﴾ استثناء ليس من الأول (٤)، المعنى: وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا البتة، إلا أن المؤمن قد يخطئ في القتل، فكفارة خطئه ما ذكر بعد.
(٢) الأحزاب: ٥٣.
(٣) النمل: ٦٠.
(٤) هذه مقالة الزجاج في "معاني القرآن" ٢/ ٩٠، والمقصود الاستثناء المنقطع.