وقال بعضهم: لا يُحِقَّنَّ، ولا يجبن لكم (١)، دليله قوله ﴿لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ﴾ أي: حقَّ لهم النَّار.
﴿شَنَآنُ قَوْمٍ﴾ أي: بغضهم وعداوتهم، وهو مصدر شنئت، وقرأ أهل المدينة والشام، وعاصم، والأعمش بجزم النون الأولى، وقرأ الآخرون بالفتح (٢)، وهما لغتان، إلَّا أن الفتح أجود؛ لأنَّه أفخم اللغتين، وهو اختيار أبي عبيد، وأبي حاتم، ولأن المصادر أكثرها يجيء على فعَلان، بفتح العين، مثل الضربان، والنزوان، والسيلان، والفسلان، والنسلان، ونحوها (٣).
﴿أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ قرأ ابن كثير، وابن أبي إسحاق، وأبو عمرو ﴿إِن﴾ بكسر الألف، على الاستئناف، والجزاء، واختاره أبو عبيد اعتبارًا بقراءة عبد الله (إن يصدوكم)، وقرأ الباقون بفتح الألف؛ أي: لأنَّ صدوكم (٤)، ومعنى الآية: لا يحملنكم بغض قوم على الاعتداء؛ لأنهم صدوكم، واختاره أبو

(١) قائل ذلك هو الأخفش في "معاني القرآن" ٢/ ٤٥٩.
(٢) انظر: "النشر في القراءات العشر" لابن الجزري ٢/ ٢٥٣، "إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي ١/ ٥٢٩، وعاصم قرأ بإسكان النون في رواية أبي بكر بن عياش.
(٣) ذكر ذلك ابن زنجلة في "الحجة" (ص ٢٢٠).
وانظر: "الكشف عن وجوه القراءات" لمكي ١/ ٤٠٤، فقد أفاض في توجيه القراءتين.
(٤) انظر: "الكشف عن وجوه القراءات" لمكي ١/ ٤٠٥، "النشر في القراءات العشر" لابن الجزري ٢/ ٢٥٣، وقراءة (إن يصدوكم) شاذة، غير مقروء بها، ذكرها ابن جني في "المحتسب" ١/ ٢٠٦، والقراء في "معاني القرآن" ١/ ٣٠٠.


الصفحة التالية
Icon