وباقي السورة كلها نزلت بمكة، جملة واحدة، ليلاً، ومعها سبعون ألف ملك، قد سدوا ما بين الخافقين، لهم زجل (١) بالتسبيح (٢)

= آيات منها؛ نزلت بالمدينة، من قوله تعالى: ﴿تَعَالَوا﴾ إلى قوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الأنعام: ١٥١ - ١٥٣] هذا قول ابن عباس ومجاهد وعطاء بن يسار والكلبي.
ثم روى بإسناده عن الكلبي، قال: نزلت سورة الأنعام بمكة، إلا آيتين نزلتا بالمدينة، في رجل من اليهود، وهو الذي قال: ﴿مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ﴾ [الأنعام: ٩١] قال: الذي قاله فنحاص اليهودي، أو مالك بن الصيف.
وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٣/ ٤ ونسبه لأبي الشيخ، عن الكلبي، وعن سفيان.
وقال ابن الجوزي في "زاد المسير" ٣/ ٣ والقرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" ٦/ ٣٨٢ عن ابن عباس وقتادة قال: هي مكية، إلا آيتين نزلتا بالمدينة؛ قوله: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ [الأنعام: ٩١]. وقوله: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ﴾ [الأنعام: ١٤١].
وقال ابن الجوزي في "زاد المسير" ٢/ ٣: روى مجاهد عن ابن عباس: أن الأنعام مما نزل بمكة.
وهذا قول الحسن وقتادة وجابر بن زيد.
وقال ابن كثير في "تفسيره" ٦/ ٥: قال العوفي وعكرمة وعطاء، عن ابن عباس: أنزلت سورة الأنعام بمكة، ولعلهم أرادوا غالب السورة؛ جمعًا بين الروايتين عن ابن عباس. وهذا توفيق منه رحمه الله.
(١) أي: صوت رفيع، عال.
انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير ٢/ ٢٩٧.
(٢) أخرج أبو عبيد في "فضائل القرآن" ص ٢٤٠، وابن الضريس في "فضائل القرآن" (١٩٦) والطبراني في "المعجم الكبير" ١٢/ ١٦٦ (١٢٩٣٠) جميعهم من طريق علي بن زيد بن جدعان، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس قال: "نزلت سورة =


الصفحة التالية
Icon