فقال مجاهد: نزلت هذِه الآية في أبي لبابة حين قال لقريظة: إن نزلتم (١) على حكمه فهو الذبح، وأشار إلى حلقة، وقد مضت القصة في سورة الأنفال، فندم وتاب وأقرّ بذنبه، فأنزل الله -عز وجل- هذِه الآية (٢).
وقال الزهري: نزلت في تخلّفه عن رسول الله - ﷺ - في غزوة تبوك، فربط نفسه بسارية، وقال: والله لا أحل نفسي منها، ولا أذوق طعامًا ولا شرابًا حتى أموت أو يتوب الله تعالى عليّ! فمكث سبعة أيام لا يذوق فيها طعامًا ولا شرابًا حتى خرّ مغشيًا عليه، فأنزل الله تعالى ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ﴾ الآية، فقيل له: قد تيب عليك يا أبا لبابة، فقال: والله لا أحلّ نفسي حتى يكون رسول الله - ﷺ - هو الذي يَحُلّني، فجاء النبي - ﷺ - فحلّه بيده، ثم قال أبو لبابة: يا رسول الله؛ إن من توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب، وأن أنخلع من مالي كله صدقة إلى الله ورسوله (٣)، قال: يجزيك يا أبا لبابة الثلث (٤).
(٢) "تفسير مجاهد" ١/ ٢٨٦.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" ٣/ ٤٨٨ لابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي.
وقد أخرجه الطبري في "جامع البيان" ١١/ ١٥، وابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" ٦/ ١٨٧٣، والبيهقي في "دلائل النبوة" ٥/ ٢٧ من طرق عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد.. بنحوه.
(٣) في (ت): وإلى رسوله.
(٤) أثر الزهري أخرجه الطبري في "جامع البيان" ١١/ ١٥ من طريق محمد بن ثور، =