وقال النبي - ﷺ -: "خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وشر صفوف النساء أولها وخيرها آخرها" (١).
وقال الربيع بن أنس: حض النبي - ﷺ - على الصف الأول في الصلاة فازدحم الناس عليه وكانت بنو عذرة (٢) دورهم قاصية عن

= عون بن عبد الله يذاكر محمد بن كعب في هذِه الآية فقال عون: خير صفوف الرجال المقدم وشر صفوف الرجال المؤخر وخير صفوف النساء المقدم، فقال محمد بن كعب: ليس هكذا، ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ﴾ الميت والمقتول (والمستأخرين) من يلحق بهم من بعد ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٢٥)﴾ فقال عون: وفقك الله وجزاك الله خيرا. "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير ٨/ ٢٥٣ - ٢٥٤.
(١) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول منها (٤٤٠)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب صف النساء وكراهية التأخر عن الصف الأول (٦٧٨) وغيرهما عن أبي هريرة.
(٢) بنو عذرة، بطن عظيم في قضاعة، القحطانية، وهم: بنو عذرة بن سعد بن هذيم ابن زيد بن ليث بن سُوَد بن أسلم بن الحافي بن قضاعة، قدم وفد منهم على النبي - ﷺ - في صفر تسع، وكانوا اثني عشر رجلًا، وتعلموا الفرائض وأقاموا أيامًا ثم ودعوا رسول الله - ﷺ - فأمر لهم بجوائز وانصرفوا إلى أهليهم باليمن. "معجم قبائل العرب" لعمر كحالة ٢/ ٧٦٨، "جمهرة أنساب العرب" لابن حزم (ص ٤٤٨ - ٤٥٠).
أقول: يستبعد نزول هذِه الآيات المكية في بني عذرة -أهل اليمن- مع ثبوت تأخر إسلامهم، والأثر كما رأينا معلق ومرسل، فالصحيح ما أخرجه الإمام مسلم في الصحيح وغيره عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: خلت البقاع حول المسجد فأراد بنو سلمة أن يتنقلوا إلى قرب المسجد فبلغ ذلك رسول الله - ﷺ - فقال لهم: "إنه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد؟ " قالوا: نعم يا رسول الله: قد أردنا ذلك فقال: "يا بني سلمة دياركم، تكتب آثاركم، دياركم تكتب آثاركم" كتاب المساجد، باب المشي إلى الصلاة (٦٦٥)، وليس فيه ذكر نزول =


الصفحة التالية
Icon