عليهم رجلًا يقال له: جلهس بن جلاس بن سويد وجعلوا وزيره سحاريب بن سوادة فأقاموا (١) دهرًا وتناسلوا حتَّى نموا وكثروا ثم إنهم عبدوا الأصنام وكفروا، فأرسل إليهم نبيًّا يقال له: حنظلة بن صفوان (٢) كان حمالًا فيهم فقتلوه فِي السوق، فأهلكهم الله وعطلت بئرهم وخربت قصورهم (٣).
٤٦ - ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ﴾
يعني: كفار مكة فينظروا إِلَى مصارع المكذبين من الأمم الخالية (٤) ﴿فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا﴾ فيتفكروا ويعتبروا (٥).
﴿فَإِنَّهَا﴾ الهاء عماد (٦) {لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي

(١) فِي الأصل: فأقامه، وفي (ب): أقاموا.
(٢) قال بعض العلماء: إن الله سبحانه وتعالى لم يبعث نبيًّا إِلَى العرب بعد إسماعيل عليه السلام إلَّا محمدًا -صلى الله عليه وسلم-، وحنظلة بن صفوان إنما هو رجل صالح.
انظر: "البداية والنهاية" لابن كثير ٢/ ٢١٢.
(٣) فِي (ب): وخرب قصرهم، وهو فِي "معالم التنزيل" للبغوي ٥/ ٣٩١، بنحوه، "لباب التأويل" للخازن ٣/ ٢/ ٢٠، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٢/ ٧٥ - ٧٦، مطولًا، "البداية والنهاية" لابن كثير ١/ ٢٢٧.
وقال القرطبي: فذكرهم الله تعالى فِي هذِه الآية موعظة وعبرة وتذكرة، وذكرا وتحذيرًا من مغبة المعصية وسوء عاقبة المخالفة.
(٤) انظر: "معالم التنزيل" للبغوي ٥/ ٣٩١، "لباب التأويل" للخازن ٣/ ٢/ ٢١.
(٥) انظر: "جامع البيان" للطبري ١٧/ ١٨٢.
(٦) العماد: مصطلح عند نحاة الكوفة يطلقونه على ضمير الفصل.
انظر: "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٢٨، "معجم المصطلحات النحوية والصرفية" لمحمد سمير نجيب اللبدي (١٦١).


الصفحة التالية
Icon