وقال مجاهد: تصنعون ونصنع (١) والله خير الصانعين (٢). وقال ابن جريج: إنما جمع الخالقين؛ لأن عيسى بن مريم عليهما السلام كان يخلق (٣)، فأخبر جل ثناؤه عن نفسه أنه يخلق أحسن ما كان

= قلت: والخلق يكون بمعنى الإيجاد، ويكون بمعنى التقدير ومنه قول زهير بن أبي سلمى:
فَلَأَنتَ تَفري ما خَلَقتَ وَبَعـ ضُ القَومِ يَخلُقُ ثُمَّ لا يَفري
أي: ما قدرت.
والمراد بالآية هنا المعنى الثاني -التقدير كما ذكره المصنف- لأنه لا موجد إلا الله.
قال القرطبي ١٢/ ١١٠: و (لا) تنفي اللفظة عن البشر في معنى الصنع، وإنما هي منفية بمعنى الاختراع والإيجاد من العدم.
وذكر الفيروزآبادي في "بصائر ذوي التمييز" للفيروزآبادي ٢/ ٥٦٦ توجيهًا آخر للآية حيث قال: أن يكون على تقدير ما كان يعتقدون ويزعمون أن غير الله يبدع، فكأنه قيل فأحسب أن هاهنا مبدعين وموجدين، فالله تعالى أحسنهم إيجادًا على ما يعتقدون. والتوجيه الأول أولى.
انظر: "لسان العرب" لابن منظور ١٠/ ٨٥، "معالم التنزيل" للبغوي ٥/ ٤١٢، "زاد المسير" لابن الجوزي ٥/ ٤٦٣، "كشف المعاني" لابن جماعة (٢٢٦).
(١) في (ح): يصنعون ويصنع الله.
(٢) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ١٨/ ١١، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٥/ ١٢.
(٣) وذلك أنه كان عليه السلام يصور من الطين شكل طير ثم ينفخ فيه فيصير طيرًا عيانًا بإذن الله عز وجل الذي جعل هذِه معجزة له تدل على صدق رسالته. قال تعالى على لسان عيسى عليه السلام: ﴿أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ٤٩] انظر: "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير ٣/ ٦٥.


الصفحة التالية
Icon