لها آمنة يوم القيامة، ومن خلط عملًا صالحًا وآخر سيئًا من سائر الناس فهو يخاف ويرجو فهذا وجه.
والآخر: أن نجعل الاستثناء من الذين تركوا في الكلمة؛ لأن المعنى: ﴿لَا يَخَافُ لَدَىَّ الْمُرْسَلُونَ﴾ إنما الخوف على غيرهم، ثم استثنى فقال تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ ظَلَمَ﴾ يقول: كان مشركًا فتاب من الشرك (١) وعمل حسنًا فذلك مغفور له وليس بخائف.
قال: وقد قال بعض النحويين: ﴿إِلَّا﴾ هاهنا بمعنى الواو يعني: ولا من ظلم منهم كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ (٢).
وقال بعض العلماء: قوله تعالى: ﴿إِلَّا﴾ ليس باستثناء من المرسلين؛ لأنه لا يجوز عليهم الظلم وإنما معنى الآية: إلَّا من ظلم فعليه الخوف فإذا تاب أزال الله تعالى عنه الخوف (٣).
١٢ - قوله تعالى: ﴿وَادْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ﴾
وإنما أمره بإدخال يده في جيبه -عليه السلام-؛ لأنه (كان عليه) (٤) في ذلك الوقت مدرعة (٥) من صوف ولم يكن لها كم، قاله المفسرون (٦).

(١) يعنى: من الناس.
(٢) البقرة: ١٥٠، وإلى هنا انتهى قول الفراء كما في "معاني القرآن" ٢/ ٢٨٧.
(٣) انظر: "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة (٢١٩)، "معاني القرآن" للنحاس ٥/ ١١٧.
(٤) ألحق من هامش (ص).
(٥) مدرعة: ثوب من صوف وجبة مشقوقة المقدّم. "المعجم الوسيط" ١/ ٢٨٠.
(٦) أخرج الطبري في "جامع البيان" ١٩/ ١٣٨، عن مجاهد مثله، وأخرج ابن أبي =


الصفحة التالية
Icon