١٤ - قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ﴾ (١).
قال الكلبي: الأشد ما بين ثماني عشرة سنة (٢) إلى ثلاثين سنة (٣)،

= خبره حتى وقفت تنظر له على بُعْد ثم تقدمت بتلطف وكل ما عرض ثدي امرأة استنكف منه فتقدمت فأعطته ثديها فالتقمه ومصّه، ولم يكن فيه لبن وسكت الصبي فيممته إلى صدرها، فقالوا لها: خذيه أنت فقالت لا لبن لي، ولكني ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ﴾ فالتزموها وقالوا ما قلت هذا إلَّا وأنتِ تعرفين أهله، فقالت: ما أعرفهم ولكني أشرف عليكم بمن يكفله لكم وينصح له، قالوا: فأُتِيَ بها، فأتت بأمه فقبل ثديها، قاله السدي وابن جريج فذلك قوله -عز وجل- ﴿فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا﴾ أي: تفرح ﴿وَلَا تَحْزَنَ﴾ [القصص: ١٣] على ذهاب ولدها ولتعلم أن وعبد الله حق ولكن أكثرهم يعني آل فرعون لا يعلمون أن الله تعالى وَعَدَ أم موسى أن يردّه إليها سالمًا.
(١) الأشُد: جمع شدٍّ، والشدّةُ القوة، والشَّدِيدُ: الرجلُ القوي، وقال الطبري: هو استحكامُ قوةِ شبابه وسنه، وفي "لسان العرب": الأشُدّ مبْلغ الرجل الحُنْكة والمعرفة، قال الله -عز وجل-: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ﴾ [الأحقاف: ١٥] ودي الآية تنبيهٌ وهو: أن الإنسانَ إذا بلغَ هذا القَدْرَ يتقوى خُلُقُهُ الذي هو عليه فلا يكاد يزايله بعد ذلك، وما أحسن ما نبه له الشاعر حيث يقول:
إذا المَرْءُ وافى الأربعين ولم يكن له دون ما يهوى حياءٌ ولا ستر
فدعه ولا تنفس عليه الذي مضى وإن جر أسباب الحياة له العمر
انظر: "جامع البيان" للطبري ٢٠/ ٤٢، "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب الأصفهاني (٢٥٦)، "لسان العرب" لابن منظور ٣/ ٢٣٥.
(٢) ساقطة من (س).
(٣) ذكره البغوي في "معالم التنزيل" ٦/ ١٩٥، وزاد في نسبته السيوطي في "الدر المنثور" ١١/ ٤٣٥ إلى ابن أبي الدنيا من طريق الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس، وذكره الألوسي في "روح المعاني" ٢٠/ ٥١، والشوكاني في "فتح القدير" ٤/ ٢٠١.


الصفحة التالية
Icon