أحدهما: علم كل (١) شيء كان، فعلم أنه كان، والثاني: علم كل شيء يكون فعلم أنه يكون وقت كذا ولا يعلمه كائنًا واقعًا إلا بعد كونه ووقوعه، بيانه: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ﴾ (٢) أي: ونعلم المجاهدين منكم مجاهدين ونعلم الصابرين صابرين، فكذلك (٣) هاهنا فليعلمن الله ذلك موجودًا كائنًا وهو سبيل علم الله تعالى في الاستقبال (٤).

= إيمانهم، وليعلمن الكاذبين فيه من (علم) المتعدية إلى واحد فيهما، ويستحيل العلم لله تعالى فالمعني: وليتقن علمه به موجودًا كما كان يتعلق حين كان معدومًا، والمعني ليميزن الصادق من الكاذب، أو عبّر بالعلم عن الجزاء أي وليتبين الصادق وليعاقب الكاذب، ومعنى صدقوا في إيمانهم مطابق قولهم واعتقادهم وأفعالهم، والكاذبين ضد ذلك، وقرأ عليّ وجعفر بن محمد فليُعلمن مضارع أعلم المنقولة بهمزة التعدي من علم المتعدية من واحد فالثاني محذوف، أي: منازلهم في الآخرة من ثواب وعقاب، وقرأ الزهري: الأولى كقراءة الجماعة والثانية كقراءة علي - رضي الله عنه -.
انظر: "البحر المحيط" لأبي حيان ٧/ ١٣٦.
(١) سقطت من (س)، (ح).
(٢) محمد: ٣١.
(٣) من (ح)، وفي (س): بالواو، وفي الأصل: فذلك.
(٤) قال السمعاني رحمه الله: فإن قال قائل، ما معنى قوله: ﴿إِلَّا لِنَعْلَمَ﴾، وهو عالم بالأشياء قبل كونها؟ قلنا: كان عالمًا به علم الغيب، وإنما أراد بهذا: العلم الذي يتعلق به الثواب والعقاب، وهو العلم بوجود الاتباع فإن كونه موجودًا إنما يعلم بعد الوجود، وقيل: معناه إلا لنرى، وهو قريب من الأول، وقيل: الابتلاء مضمر وتقديره إلا لنبتلي فيظهر المتبع من المنقلب. "تفسيرالقرآن" للسمعاني ١/ ٤٩ - ١٥٠، وانظر: تفسير سورة الجن أيضًا ٦/ ٧٤ - ٧٥، "الفصل في الملل والنحل" لابن حزم ٢/ ٢٩٥، والأثر لم أقف عليه عند ابن قتيبة.


الصفحة التالية
Icon