نحوهم، وقد كان عمرو بن عبد ود قاتل يوم بدر حتَّى أثبتته الجراحة فلم يشهد أحدًا، فلما كان يوم الخندق خرج معلمًا (١) ليرى مكانه، فلما وقع هو وخيله قال له علي عليه السلام (٢): يَا عمرو إنك كنت تعاهد الله لا يدعوك رجل من قريش إلى خلَّتين إلَّا أخذت منه أحديهما. قال: أَجل. قال: فإنِّي أدعوك إلى الله وإلى الرسول - ﷺ - وإلى الإِسلام. قال: لا حاجة لي بذلك.
قال: فإنِّي أدعوك إلى النزال. قال: ولم يَا ابن أخي؟ ! فوالله ما أحب أن أقتلك. قال علي: ولكني والله أحب أن أقتلك. فحمي

(١) رجل معلم إذا علم مكانه في الحرب بعلامة أعلمها، وأعلم حمزة يوم بدر، ومنه قوله:
فتعرفوني أنني أنا ذاكم شاك سلاحي في الحوادث مُعلم
وأعلم الفارس: جعل لنفسه علامة الشجعان فهو معلم، قال الأخطل.
فما زال فينا رباط الخيل معلمة وفي كليب رباط اللوم والعار
انظر: "لسان العرب" لابن منظور ١٥/ ٣١٣ (علم).
(٢) قال ابن كثير رحمه الله: قال الشيخ أبو محمَّد الجويني رحمه الله: السلام في معنى الصلاة فلا يستعمل في الغائب ولا يفرد به غير الأنبياء فلا يقال على عليه السلام، وسواء في هذا الأحياء والأموات، وأما الحاضر فيخاطب به فيقال: سلام عليك، وسلام عليكم أو السلام عليك أو عليكم، وهذا مجمع عليه انتهى ما ذكره. قلت: وقد غلب هذا في عبارة كثير من النساخ للكتب أن يفرد علي - رضي الله عنه - بأن يقال "عليه السلام" من دون سائر الصَّحَابَة أو "كرم الله وجهه"، وهذا وإِن كان معناه صحيحًا، لكن ينبغي أن يسوى بين الصَّحَابَة في ذلك فإن هذا من باب التعظيم والتكريم، فالشيخان وأمير المُؤْمنين عثمان أولى بذلك منه - رضي الله عنهم - أجمعين. "تفسير القرآن العظيم" ١١/ ٢٣٨.


الصفحة التالية
Icon