عمرو عند ذلك فاقتحم عن فرسه فعقره، وضرب وجهه، ثم أقبل على علي -عليه السلام -، فتناولا وتجاولا فقتله عليّ -عليه السلام -، وخرجت خيله منهزمة حتَّى اقتحمت من الخندق هاربة.
وقُتل مع عمرو رجلان: منبه بن عثمان بن عبيد بن السباق بن عبد الدار، أصابه سهم فمات منه بمكة، ونوفل بن عبد الله بن المغيرة المخزومي، وكان اقتحم الخندق فتورط فيه فرموه بالحجارة، فقال: يَا معشر العرب قِتلة أحسن من هذِه. فنزل إليه عليّ فقتله، فغلب المسلمون على جسده، فسألوا رسول الله - ﷺ - أن يبيعهم جسده، فقال رسول الله - ﷺ -: "لا حاجة لنا في جسده ولا ثمنه، فشأنكم به"، فخلَّى بينهم وبينه (١).
قالت عائشة أم المُؤْمنين - رضي الله عنها -: كنا يوم الخندق في حصن بني حارثة، وكان من أحرز (٢) حصون المدينة، وكانت أم سعد بن معاذ معنا في الحصين، وذلك قبل أن يضرب علينا الحجاب، فمَرَّ سعد

(١) انظر: "كنز العمال" للمتقي الهندي ٦/ ١٥٨، "البداية والنهاية" لابن كثير ٤/ ١٠٧.
(٢) الحرز: الموضع الحصين، والحرز ما أحرزك من موضع وغيره، تقول: هو في حرز لا يوصل إليه، وفي حديث يأجوج ومأجوج: (فحرز عبادي في الطور) أي: ضمهم إليه، واجعله لهم حرزا، يقال: أحرزت الشيء إذا حفظته وضممته إليك وصنته عن الأخذ، وفي الأثر: (اللهمَّ اجعلنا في حرز حارز) أي: كهف منيع، والمراد هنا حصن منيع.
انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير ١/ ٣٦٦ - ٣٦٧ (حرز). "لسان العرب" لابن منظور ٧/ ١٩٨ (حرز).


الصفحة التالية
Icon