قال الحسن وقتادة: الكلم الطيب ذكر الله، والعمل الصالح أداء فرائضه، فمن ذكر الله ولم يؤد فرائضه ردَّ كلامه على عمله، وليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكن ما وقر في القلوب وصدقه (١) الأعمال، فمن قال حسنًا وعمل غير صالح ردَّ الله عليه (٢) قوله (٣)، ومن قال حسنًا وعمل صالحًا رفعه العمل (٤)، ذلك بأن الله

= البخاري في كتاب التوحيد باب قول الله تعالى ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ﴾ عن مجاهد قال: العمل الصالح يرفع الكلم الطيب.
(١) في (م): مصدقة.
(٢) من (م).
(٣) قال ابن عطية: وهذا قول يرده معتقد أهل السنة، والحق أن العاصي التارك للفرائض إذا ذكر الله وقال كلاما طيبا فإنه مكتوب له متقبل منه، وله حسناته وعليه سيئاته، والله تعالى يتقبل من كل من اتقى الشرك. وأيضًا فإن الكلام الطيب عمل صالح، وإنما يستقيم قول من يقول: إن العمل هو الرافع للكلم، بأن يتأول أنه يزيد في رفعه وحسن موقعه إذا تعاضد معه. كما أن صاحب الأعمال من صلاة وصيام وغير ذلك، إذا تخلل أعماله كلم طيب وذكر الله تعالى كانت الأعمالك أشرف، فيكون قوله: (والعمل الصالح يرفعه موعظة وتذكرة وحضا على الأعمال". وأما الأقوال التي هي أعمال في نفوسها؛ كالتوحيد والتسبيح فمقبولة. قال ابن العربي: إن كلام المرء بذكر الله إن لم يقترن به عمل صالح لم ينفع؛ لأن من خالف قوله فعله فهو وبال عليه. وتحقيق هذا: أن العمل إذا وقع شرطا في قبول القول أو مرتبطا، فإنه لا قبول له إلا به وإن لم يكن شرطا فيه فإن كلمه الطيب يكتب له، وعمله السيئ يكتب عليه، وتقع الموازنة بينهما، ثم يحكم الله بالفوز والربح والخسران.
انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٤/ ٣٣٠.
(٤) ولفظ الرواية التي رواها الطبري في "جامع البيان" ٢٢/ ١٢١ عنهما: لا يقبل الله قولًا إلا بعمل، من قال وأحسن العمل قبل الله منه.


الصفحة التالية
Icon