أي: قرب، ونظير هذِه الآية قوله تعالى ﴿أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧)﴾ (١) أي: قربت القيامة ﴿إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ﴾ من الخوف قد زالت وشخصت من صدورهم فتعلقت بحلوقهم فلا هي تعود إلى أماكنها ولا هي تخرج من أفواههم فيموتوا ويستريحوا (٢). نظيره قوله تعالى: ﴿وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾ (٣). ﴿كَاظِمِينَ﴾ مكروبين (ممتلئين) (٤) خوفًا وحُزنًا، والكاظم الممسك للشيء على ما فيه، ومنه كظم قربته إذا شدّ رأسها (٥)، فهم قد أطبقوا أفواههم على ما في قلوبهم من شدة الخوف. والكَظْمُ تردد الغيظ والخوف والحزن في القلب حتى يضيق به، وتقول العرب للبئر الضيقة وللسقاية المملوءة ماء: كِظَامة وكاظِمة (٦) ومنه الحديث: "كيف بكم إذا بُعجت مكة كظائم" (٧)

(١) النجم: ٥٧.
(٢) ورد هذا عن قتادة والسدي، انظر: "جامع البيان" للطبري ٢٤/ ٥٢، "تفسير
القرآن" لعبد الرزاق ٢/ ١٨٠.
(٣) إبراهيم: ٤٣.
(٤) سقطت من (م) والاستدراك من (أ)، (ب).
(٥) "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب الأصفهاني (ص ٧١٢) (كظم) وانظر "بصائر ذوي التمييز" للفيروزآباي ٤/ ٣٥٧.
(٦) "بصائر ذوي التمييز" للفيروزآبادي ٤/ ٣٥٧، "غريب الحديث" لابن سلام ١/ ١٦٣، "غريب الحديث" للحربي ٣/ ١٢١٢، "الفائق في غريب الحديث والأثر" للزمخشري ٣/ ٢٦٣، "لسان العرب" لابن منظور ١٢/ ٥١٩ (كظم).
(٧) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" ٧/ ٤٦١، والفاكهي في "أخبار مكة" ٣/ ٥٦ عن يعلي بن عطاء عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - موقوفًا عليه قال: كيف أنتم إذا هدمتم البيت فلم تدعوا حجرًا على حجر، قالوا: ونحن على =


الصفحة التالية
Icon