ثمّ أتانا ببيان من أمره. فقال عتبة بن ربيع: والله لقد سمعت الشعر والكهانة والسحر، وعلمت من ذلك علمًا، وما (١) يخفى عليَّ إن كان كذلك. فأتاه، فلما خرج إليه، قال: أنت يا محمّد خير أم هاشم؛ أنت خير أم عبد المطلب؟ أنت خير أم عبد الله؟ فبم (٢) تشتم آلهتنا، وتضلل آباءنا؟ فإن كنت إنما بك الرئاسة عقدنا لك ألويتنا، فكنت رأسا ما بقيت، وإن كان بك الباءة زوجناك عشر نسوة تختار من أي أبيات قريش، وإن كان بك المال جمعنا لك ما تستغني به أنت وعقبك من بعدك، ورسول الله - ﷺ - ساكت لا يتكلم، فلما فرغ، قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: بسم الله الرّحمن الرّحيم: ﴿حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٢) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ﴾ إلى قوله: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (١٣)﴾ فأمسك عتبة على فيه وناشده بالرحم، فرجع إلى أهله ولم يخرج إلى قريش، فاحتبس عتبة عنهم، فقال أبو جهل لعنه الله: يا معشر قريش، والله ما نرى عتبة إلاّ قد صَبَأ إلى محمّد وأعجبه طعامه، وما ذاك إلاّ من حاجة أصابته، فانطلقوا بنا إليه؛ فانطلَقوا إليه، فأتاه أبو جهل فقال: والله يا عتبة، ما حبسك عنّا إلاّ أنّك صبوت إلى محمّد، وأعجبك طعامه، فإن كانت بك حاجة جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك عن طعام محمّد!

(١) في (م) و (ت): لا.
(٢) في (م): فيما.


الصفحة التالية
Icon