فاشتدّ ذلك على المسلمين، فقال رسول الله - ﷺ -: "من جاءهم منّا فأبعده الله، ومن جاءنا منهم رددناه إليهم، فلو علم الله الإسلام من قلبه جعل له مخرجًا، وإنّ بيننا عَيبَةً مكفوفة (١)، وإنّه لا إسلَالَ (٢)، ولا إغلال (٣)، وإنّه من أحبّ أن يدخل في عقد محمّد، وعهده دخل فيه، ومن أحبّ أن يدخل في عقد قريش، وعهدهم دخل فيه".
فتواثبت خزاعة، فقالوا: نحن في عقد محمّد وعهده، وتواثبت بنو بكر، فقالوا: نحن في عقد قريش وعهدهم.
فقال النبي - ﷺ -: "وعلى أن يخلوا بيننا وبين البيت، فنطوف به"، فقال سهيل (٤): والله لا تتحدّثُ العربُ أنّا أخذتنا ضغطة، ولكن لك ذلك من العام المقبل، فكتب: وعلى أنّك ترجِع عَنّا عامك هذا، فلا تدخل علينا مَكّة، فإذا كان عام قابل خرجنا عنها لك، فدخلتها

(١) عَيبة مَكْفُوفةً: قال ابن الأعرابي بيننا صَدْرٌ نُقِّي من الغِلِّ والخِداع مَطْويٌّ على الوفاءِ والمَكْفُوفَةُ المُشْرَجةُ المَشْدودَةُ والعَرَب تُكنِّي عن القلوب بالعِيَابِ لأن العِيَابَ مستودع الثيابِ والقلوبُ مستودع السَّرَاءِ وإنما يُخَبَّأ في العَيْبَةِ أجودُ الثِّيَابِ ويُكْتَمُ من الصَّدْرِ أَخَصُّ الأسرار. "غريب الحديث" لابن الجوزي ٢/ ١٣٧.
(٢) الإسْلالُ: السَّرِقةُ الخَفِيَّة. يقال سَلَّ البَعيرَ وغَيره في جَوف اللَّيل إذا انْتزَعَه من بين الإبل وهي السَّلَّة. وأسَلَّ: أي صار ذَا سَلَّة وإذا أعان غيره عليه. ويقال الإسْلال الغَارةُ الظَّاهرَة. وقيل سَلُّ السُّيوف. "النهاية" لابن الأثير ٢/ ٣٩٢.
(٣) الإغْلال: الخِيانة أو السَّرِقة الخَفِيَّة، وفيل الإغْلال: لُبْس الدُّرُوع. "النهاية" لابن الأثير ٣/ ٣٨٠
(٤) في (ت) زيادة: لا.


الصفحة التالية
Icon