أزهر بن عبد عوف (١)، والأخنس بن شريق الثقفي (٢) إلى رسول الله - ﷺ - وبعثا رجلًا من بني عامر بن لؤي، ومعه مولى لهم، فقدما إلى (٣) رسول الله - ﷺ - بكتابهما، وقالا: العهد الذي جعلت لنا، فقال رسول الله - ﷺ -: "يا أبا بصير إنّا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت، ولا يصلح لنا في ديننا الغدر، وإنّ الله عز وجل جاعل لك، مخرجًا"، ثمّ دفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتّى إذا بلغا به ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمرٍ لهم، قال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إنّي لأرى سيفك هذا جيّدًا، فاستلّه الآخر، وقال: أجل، والله إنه لجيد. قال: أرني أنظر إليه. فأخذه وعلا به أخا بني عامر حتّى قتله، وفرّ المولى وخرج سريعًا حتّى أتى رسول الله - ﷺ -، وهو جالس في المسجد، فلمّا رآه رسول الله - ﷺ - طالعًا قال: "إنّ هذا الرجل قد رأى فزعًا".
فلمّا انتهى إلى رسول الله - ﷺ - قال: "ويلك مالكَ؟ "، قال: قَتل صاحبكم صاحبي. فوالله ما برح حتّى طلع أبو بصير - رضي الله عنه - متوشّحًا

(١) هو: أزهر بن عبد عوف بن عبد بن الحارث القرشي الزهري - رضي الله عنه -، عم عبد الرحمن ابن عوف - رضي الله عنه -، وهو أحد الذين نصبوا أعلام الحرم زمن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -. انظر: "الاستيعاب" ١/ ٩٧، "الإصابة" ١/ ٢٩.
(٢) هو: الأخنس بن شريق بن عمرو الثقفي أبو ثعلبة حليف بني زهرة، اسمه أبي، وإنما لقب الأخنس، لأنه رجع ببني زهرة من بدر لما جاءهم الخبر أن أبا سفيان نجا بالعير، فقيل: خنس الأخنس ببني زهرة، فسمي بذلك ثم أسلم الأخنس فكان من المؤلفة، ومات في أول خلافة عمر - رضي الله عنه -. انظر: "الإصابة" ١/ ٢٥.
(٣) في (ت): على.


الصفحة التالية
Icon