وقال سعيد بن المسيب: سمعت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول لأهل المدينة: حصبوا المسجد. أي صبُّوا فيه الحجارة (١).
وقال أبو العباس: الحاصب: الريح فيها الحجارة (٢)، وكل ما ألقي في شيء إلقاءً عنيفًا فقد حصب به، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ (٣).
ثم استثنى فقال: ﴿إِلَّا آلَ لُوطٍ﴾ أي: من تبعه على دينه وأهله وأمته، قيل: ولم يكن إلَّا ابنتاه (٤)، ﴿نجيناهم﴾ من العذاب ﴿بسَحَرٍ﴾.
قال الأخفش: إنما أجراه لأنه نكرة ومجازه بسحرٍ من الأسحار، ولو أراد سحر يوم بعينه لقال: (بسحرَ) غير مجرى، ونظيره قوله: ﴿اهْبِطُوا مِصْرًا﴾ (٥) لما نكَّرهُ صرفه، فلما عُرِّف في قوله: ﴿ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ﴾ (٦) لم يجره (٧).

(١) أورده ابن منظور في "اللسان" ولم أجده إلا عنده: ١/ ٣١٩، ونسبه الدارقطني في "العلل" للنبي - ﷺ - بلفظ: "حصبوا مسجدنا هذا....
" ٨/ ٢٠.
(٢) ينظر: الماوردي ولم ينسبه "النكت والعيون" ٥/ ٤١٨، ونسبه الواحدي لأبي عبيدة والنضر، "الوسيط" ٤/ ٢١١، "اللسان": (حصب) ١/ ٣٢٠.
(٣) الأنبياء: ٩٨.
(٤) ينظر: "الوسيط" للواحدي ٤/ ٢١٢ للواحدي، "معالم التنزيل" للبغوي ٧/ ٤٣٢، "زاد المسير" لابن الجوزي ٨/ ٩٨، "الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ١٤٣، "مدارك التنزيل" للنسفي ٤/ ٢٠٥، "لباب التأويل" للخازن ٦/ ٢٣٠، "البحر المحيط" لأبي حيان ٨/ ١٨٠.
(٥) البقرة: ٦١.
(٦) يوسف: ٩٩.
(٧) لم أجده عند الأخفش، وينظر: "معاني القرآن" ٣/ ١٠٩، ابن الجوزي ونسبه =


الصفحة التالية
Icon