ودنو الله من العبد ودنو العبد من الله تعالى بالرتبة، والمنزلة، والمكانة، وإجابة الدعوة لا بالمسافة؛ لأنَّ المسافة لمن يكون له المكان مشتغلًا به فيكون بينه وبين المكان الآخر مسافة، وذلك كله من أمارات الأجسام وخواصها، والله عزَّ شأنه يتعالي عن ذلك علوًّا كبيرًا، وإنما هو كقوله تعالى: ﴿فَإني قَرِيب أجُيبُ دَعْوَةَ الداعَ إِذَا دَعَان﴾ (١) وقوله: ﴿وَنَحنُ أَقرَبُ إِليهَ مِن منكم﴾ يعني بالعلم والقدرة وإجابة الدعوة (٢).
وقال بعضهم: معناه: ثم دنا جبريل عليه السلام من ربه عز وجل فكان قاب قوسين أو أدنى وهذا قول مجاهد (٣)، يدل عليه ما روي في الحديث أنَّ أقرب الملائكة من الله تعالى جبريل عليه السلام (٤)، وقيل: المعني: فكان على ما تقدرونه أنتم قدر قوسين أو أدنى (٥).

= مالك بن صعصعة -رضي الله عنهما- بنحوه، وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله - ﷺ - (١٦٢) من طريق سليمان بن بلال عن شريك بن أبي نمر عنه بنحوه، وينظر: "جامع البيان" للطبري ٢٧/ ٤٥.
(١) البقرة: ١٨٦.
(٢) "الشفا" للقاضي عياض: ١/ ٢٠٥، ونسبه القرطبي ١٧/ ٩٠ للقاضي عياض.
(٣) "جامع البيان" للطبري ٢٧/ ٤٦، ونسبه الماوردي لمجاهد وابن عباس رقاِفا "النكت والعيون" ٥/ ٣٩٣، "معالم التنزيل" للبغوي ٧/ ٤٠٢، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٧/ ٩٥، "زاد المسير" لابن الجوزي ٨/ ٦٦.
(٤) أورده القرطبي "الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٩٠ بدون إسناد.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٧١، "إعراب القرآن" للنحاس ٤/ ٢٦٧، "الكشاف" للزمخشري ٤/ ٤٢٠، "باهر البرهان" للغزنوي (٣٩٥)، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٧/ ٩٠، وعزاه ابن الجوزي، للزجاج، "زاد المسير" ٨/ ٦٧.


الصفحة التالية
Icon