نبيك. وكان هذا أولّ ظهار في الإسلام، فقامت عائشة - رضي الله عنها - تغسل شق رأسه الآخر، فقالت: انظر في أمري جعلني الله فداك يا نبي الله، فقالت عائشة - رضي الله عنها -: أقصري حديثك ومجادلتكِ، أما تَرين وجه رسول الله - ﷺ -؟ وكان رسول الله - ﷺ - إذا نزل عليه أخذه مثل السبات فلما قضى الوحي، قال: "ادعي زوجك". فجاء، فتلا عليه رسول الله - ﷺ -: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ﴾ إلى آخر الآية (١) يقال: شكوت صاحبي واشتكيته.
﴿وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا﴾ أي: تراجعكما (٢)، وقيل: إنَّها كانت تقول: تزوجني وأنا شابة مرغوب فيَّ فلمَّا خلا سني وعقر بطني جعلني عليه كأمه فقال: "حرمتِ عليه".
فقالت: فإنَّ لي صبية صغارًا إن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إليَّ جاعوا، فقال: "حرمتِ عليه" فنزلت إلى قوله (٣): ﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ يسمع ما تقولون ويبصر ما تعملون وعالم بكل شيء (٤) ثم بيَّن حكم الظهار وجعل فيها الكفارة، فقال:

(١) أخرجه أحمد في "المسند" ٦/ ٤١٠ - ٤١١ (٢٧٣١٩)، من حديث خولة بنت ثعلبة بنحوه، وأخرجه عبد الرزاق في "تفسير القرآن" ٢/ ٢٧٧ عن عكرمة، وأخرجه الطبري في "جامع البيان" ٢٨/ ٣، ٦ بنحوه عنه.
وانظر: "الوسيط" للواحدي ٤/ ٢٥٩، "معالم التنزيل" للبغوي ٨/ ٤٩ - ٥٠.
(٢) انظر: "معالم التنزيل" للبغوي ٨/ ٥٠.
(٣) انظر: "زاد المسير" لابن الجوزي ٨/ ١٨١.
(٤) انظر: "جامع البيان" للطبري ٦/ ٢٨، "معالم التنزيل" للبغوي ٨/ ٥٠.


الصفحة التالية
Icon